أحيت حادثة غلق فضاء للأطفال في مدينة سوسة، شرق تونس، بسبب شبهة استغلال جنسي لطفلتين، الجدل في البلاد بشأن قضايا التحرش الجنسي بالقاصرين.
ووفقا لإحصائيات رسمية، فقد تزايدت العام الماضي حوادث الاستغلال الجنسي للأطفال، خاصة منها حالات التحرش عبر الإنترنت.
غلق فضاء للأطفال
وأصدرت وزارة الأسرة والمرأة والطفولة في تونس، الثلاثاء، قرارا بالإغلاق الفوري لروضة أطفال خاصة بمنطقة القصيبة التابعة لمحافظة سوسة.
وجاء هذا القرار عقب توصل مندوب حماية الطفولة بإشعار حول وجود شبهة استغلال جنسي لقاصرتين.
وتَبلغ القاصرتان، حسب بلاغ للوزارة، من العمر 10 و 12 عاما، وقد تم إعلام السلطات القضائية بالملف لفتح بحث تحقيقي.
وقالت إذاعة جوهرة، الأربعاء، إن قاضي التحقيق بالمحكمة الابتدائية بسوسة قد أصدر بطاقة إيداع بالسجن ضد شخص يشتبه في اعتدائه على قاصر لم يبلغ السن القانونية.
وتُبلغ وزارة المرأة والطفولة بشكل دوري عن غلق فضاءات عشوائية للأطفال، خاصة مع ارتفاع نسق التجاوزات غير القانونية ضد القاصرين.
الأرقام الرسمية
وكشف التقرير الأخير للهيئة الوطنية لمكافحة الاتجار بالأشخاص، عن ارتفاع ظاهرة الاستغلال الجنسي للأطفال بنحو 180 في المائة في عام 2020 مقارنة بالعام الذي سبقه.
وحسب التقرير ذاته فقد تضاعفت الجرائم الافتراضية ضد الأطفال في العام 2020 الذي عاشت فيه البلاد فترات طويلة من الحجر الصحي الشامل ما رفع من نسب إقبال القصر على الإنترنت.
وقالت رئيسة الهيئة في تصريح لـ"أصوات مغاربية" إن "التقرير الأخير أثار تفاعل السلطات التي تستعد لإجراء دورات تكوينية لجميع مندوبي حماية الطفولة حول الجرائم السيبرانية ضد الأطفال".
كما أشارت إلى "تنامي الوعي لدى مختلف الأطراف بضرورة الحد من هذه الظاهرة، من ذلك تشكيل لجنة على مستوى وزارة العدل لمتابعة مخرجات التقرير الأخير للهيئة".
وبالعودة إلى آخر تقرير أصدرته مكاتب مندوبي حماية الطفولة في العام 2017، فقد بلغت الإشعارات المتعلقة بالاستغلال الجنسي للأطفال 635 إشعارا.
وبيّن ذلك التقرير أن حالات التحرش الجنسي تمثل 50.5 بالمئة من مجموع إشعارات الاستغلال الجنسي للأطفال، تليها حالات ممارسة الجنس مع الطفل بنسبة 35.5 بالمئة.
هل تتطابق الإحصائيات مع الواقع؟
وتعليقا على هذه الأرقام، تقول الباحثة في علم الاجتماع، نسرين بن بلقاسم إن "المعطيات الرسمية لا تتطابق مع النسب الحقيقية للظاهرة التي تفشت على نطاق واسع في السنوات الأخيرة".
وتفسر بن بلقاسم في تصريح لـ"أصوات مغاربية"، موقفها بالقول إن "عددا كبيرا من العائلات ترفض إبلاغ سلطات الأمن عن تعرض أبنائها للتحرش والاستغلال الجنسي خوفا من مواجهة المجتمع".
وتضيف الباحثة ذاتها أن "جزءا مهما من ضحايا هذه الاعتداءات لا يصرحون لعائلاتهم بما يحدث لهم خوفا من العقاب أو بسبب قلة وعيهم بخطورة هذه الظاهرة خاصة في سن مبكرة".
وشدّدت على أهمية "فرض السلطات لرقابة صارمة على الفضاءات العشوائية للأطفال التي تزايدت أعدادها"، قائلة إن "أغلب هذه المحاضن غير القانونية لا تُشغّل يدا عاملة مؤهلة للتعامل مع القصر".
وتبنى البرلمان التونسي في العام 2016 قانونا لمكافحة الاتجار بالأشخاص يهدف إلى "منع كل أشكال الاستغلال التي يمكن أن يتعرض لها الأشخاص وخاصة النساء والأطفال ومكافحتها بالوقاية من الاتجار بهم وزجر مرتكبيه وحماية ضحاياه ومساعدتهم".
المصدر: أصوات مغاربية