Logos

أصوات مغاربية الآن علي موقع الحرة

اضغط. هنا لزيارة موقع الحرة

قارب للهجرة غير النظامية- أرشيف
قارب للهجرة غير النظامية- أرشيف

يبدو أن التحول الديمقراطي الذي شهدته تونس منذ عقد ونيف لم يكن كافيا لتحقيق أحلام الشباب، ما يدفع الكثير منهم إلى المخاطرة بحياتهم في التعلق بقوارب الموت للوصول إلى "الجنة الموعودة" في أوروبا.

وبحسب تقرير نشرته صحيفة "إندبندنت" يأمل حاتم، البالغ من العمر 28 عاما، في أن تكلل محاولته الرابعة بالنجاح في الهجرة غير النظامية إلى إيطاليا لينطلق منها حيث يشاء في أوروبا، بحثا عن فرص أفضل في العمل والحياة والاستقرار.

ويقول حاتم الذي تمكن من جمع 4 آلاف دينار تونسي (1385 دولار أميركي) إنه سيتجنب خلال محاولته الهجرة من ميناء حلق الوادي، شمالي العاصمة، الاستعانة بشبكات التهريب التقليدية، وبالتالي سوف يتشارك مع بعض الأصدقاء في شراء قارب واستئجار ملاح ليمخر بهم عباب البحر.

وأشار إلى أن محاولاته السابقة باءت بالفشل بعدما ألقى حرس السواحل القبض عليه ليقضي 15 يوما خلف قضبان السجون عانى خلالها العذاب والخوف من الإصابة بفيروس كورونا جراء الازدحام في الزنزانة.

ومنذ العام 2020، ارتفعت الهجرة غير النظامية من تونس إلى أعلى مستوياتها مقارنة بالعام 2011، حيث يخاطر عشرات الآلاف من الناس بحياتهم في البحر بحثا عن حياة أفضل.

وقد تجاوزت تونس في السنوات الأخيرة ليبيا التي مزقتها الحرب، كأكبر بلد منشأ للمهاجرين إلى أوروبا، ففي العام الماضي، وصل أكثر من 15 ألف تونسي بالقوارب إلى إيطاليا، بوابة الاتحاد الأوروبي للمهاجرين من جميع أنحاء أفريقيا، وفقًا لبيانات من المنظمة الدولية للهجرة (IOM).

وقد استحوذ التونسيون على ما يقرب من 24 في المائة من إجمالي الوافدين، مما يفوق بكثير أعداد أي جنسية أفريقية أخرى.

علاوة على ذلك، اعترضت السلطات التونسية ما لا يقل عن 23250 مهاجرا غير نظامي، مثل حاتم، الذين كانوا يحاولون مغادرة شواطئ البلاد العام الماضي، وتشكل تلك الحصيلة ضعف الرقم لعام 2020.

وتعد شواطئ مدينة حلق الوادي أحد مراكز انطلاق الهجرة غير النظامية باستثناء قلة منهم كما يقول أحمد الطرابلسي البالغ من العمر 25 عاما الذي لا يستطيع الفرار بسبب ظروف عائلية.

وهنا يوضح أحمد: " غالبا ما تراودني فكرة الحرقة (الهجرة غير النظامية)، بيد أنني عاجز عن فعل ذلك بسبب حاجة والدتي الطاعنة في السن للاعتناء بها".

ويردف الشاب الذي يعيش مع أمه على إعانات الدولة: "لا لم يعد هناك أمل في الحياة في تونس.. حاول بعض أصدقائي السفر إلى الخارج، حيث نجح بعضهم بينما قضى آخرون غرقا".

تقول الأمم المتحدة إن طريق وسط البحر الأبيض المتوسط ​، من شمال أفريقيا إلى بلدان مثل إيطاليا، هو أخطر طريق للهجرة البحرية في العالم، حيث لقي أكثر من 1500 شخص حتفهم في البحر بالعام 2021.

وتبلغ نسبة البطالة في تونس حاليا 18.4 في المائة، وذلك بعد أن كانت تبلغ 13 في المائة سنة 2010 التي شهدت انطلاق الاحتجاجات في شهرها الأخير، كما أن العملة المحلية خسرت نحو نصف قيمتها أمام الدولار منذ سقوط نظام زين العابدين بن علي.

وما زاد الطين بلة، بحسب الكثير من الخبراء، عجز الحكومات المتتالية في التعامل مع الملف الاقتصادي الذي ازداد سوءا مع تفشي جائحة فيروس كورونا، وعدم وجود خطط واضحة لإيجاد فرص عمل للشباب الجامعي رغم إقرار قانون يقضي بتوظيف من مضى على تخرجه 10 أعوام من حملة الشهادات الجامعية والعليا.

وعلاوة على ذلك، فإن قطاع السياحة الرئيسي في البلاد والصناعات الملحقة به والتي تمثل حوالي 14 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي أصبحت خاوية على عروشها مما ترك الكثير من الناس بلا خيار سوى البحث عن طريقة للسفر والهجرة.

"كلهم في الهم سواء"

تقول الباحثة التونسية في المعهد الدنماركي للدراسات الدولية، أحلام شملالي، إن الهجرة غير النظامية لم تعد تقتصر على الشبان أو الطبقات الفقيرة، لافتة إلى أن أعدادا متزايدة من عائلات الطبقة المتوسطة أضحت تغادر مع أطفالها إلى أوروبا وأميركا.

وتابعت: "بالنسبة لأولئك الذين لا يستطيعون المغادرة سوية، فإنهم يلجئون إلى الخيار الأكثر وحشية بإرسال أطفالهم إلى الخارج ليعيشوا مع أقارب لهم هناك".

ووفقًا لبيانات المنظمة الدولية للهجرة، وصل حوالي 2500 طفل تونسي إلى إيطاليا عن طريق البحر العام الماضي، ثلاثة أرباعهم على الأقل غير مصحوبين بذويهم، مما يمثل تحولًا ديموغرافيًا كبيرًا في الهجرة إلى أوروبا.

وتوضح شملالي: "إذا قرر الناس إرسال أطفالهم إلى أوروبا للعيش مع أقاربهم، فعندئذ هم لا يعتقدون حقًا أن هناك مستقبلًا لهم هنا. هذا مثال جلي على مدى استفحال اليأس بين الناس".

وكانت دراسة نشرها المعهد الوطني التونسي في ديسمبر الماضي قد نبهت إلى أن ما يقرب من واحد من كل خمسة أشخاص في البلاد يريد الرحيل، ومن المحتمل أن تتجاوز الهجرة غير النظامية من تونس هذا العام المستويات التي شوهدت في عامي 2020 و2021، وذلك بحسب تقرير نشرته المبادرة العالمية لمكافحة الجريمة المنظمة هذا الشهر.

وعند التحدث إلى شبان عاطلين عن العمل في متجر لألعاب الكمبيوتر بالقرب من شارع حلق الوادي الرئيسي، يقول أسامة، الذي يرفض ذكر اسمه كاملا: "الذي يبقى في تونس، إما أن يكون لديه أب ثري أو ظروف عائلية تأسره.. بالنسبة لأي شخص آخر فإن الحرقة هي الخيار المنطقي الوحيد".

مواضيع ذات صلة

جانب من الاضرار التي خلفتها فيضانات نهر السنغال. المصدر: وزارة الزراعة الموريتانية
جانب من الاضرار التي خلفتها فيضانات نهر السنغال. المصدر: وزارة الزراعة الموريتانية

سادت حالة من الحزن على منصات التواصل في موريتانيا بعد إعلان وفاة ضابط صف شاب خلال مشاركته في إنقاذ وإغاثة المتضررين من فيضانات نهر السنغال في أقصى جنوب البلاد.

وقالت وسائل إعلام محلية إن الأمر يتعلق بضابط شاب في البحرية الموريتانية يدعى محمد بن عوف كان ضمن كتيبة مكلفة بمساعدة المتضررين من فيضانات النهر الذي يقع على الحدود بين موريتانيا وجارتها الجنوبية السنغال.

ووصف موقع "المنصة" المحلي الحادث بـ"المأسوي"، فيما عبر المتضررون من الفيضانات عن تقديرهم لتضحيات أفراد الجيش لإنقاذهم من السيول.

وبينما لم يصدر حتى الآن بيان رسمي بخصوص الواقعة من الجهات الرسمية، تفاعل موريتانيون على مواقع التواصل الاجتماعي مع خبر وفاة الضابط الشاب ووصفه بعضهم بـ"البطل".

إنتقل إلى رحمة الله تعالى (محمد ولد بنعوف) أحد الأبطال من قواتنا البحرية الوطنية بعدما غرق قاربهم أثناء مهمة أمنية...

Posted by Jebril Brahim Boilil on Friday, October 25, 2024

وكتب مدون "انتقل إلى رحمة الله تعالى (محمد ولد بنعوف) أحد الأبطال من قواتنا البحرية الوطنية بعدما غرق قاربهم أثناء مهمة أمنية وإنسانية ووطنية لإنقاذ سكان الضفة".

وقال آخر "قواتنا البحرية تقوم بجهد هام في إنقاذ السكان وممتلكاتهم من مخاطر ارتفاع منسوب النهر وقد فقدت أمس أحد أبطالها وهو الشاب البطل محمد بن عوف الذي ضحى بحياته من أجل أن ينعم سكان الضفة بعيش رغيد".

أما السيد الشيخ فتساءل عن أسباب غياب نعي رسمي للشاب ودعا الجهات الرسمية لتقديم واجب العزاء لأسرته وتشييعه وفق المراسيم العسكرية.

كما فتحت وفاة الشاب النقاش من جديد حول آليات الإغاثة والانقاذ في موريتانيا، وطالب مدونون بتكوين فرق متخصصة في مواجهة الكوارث.

وفاة (محمد ولد بنعوف) أحد أفراد قواتنا البحرية الوطنية بعدما غرق قاربهم أثناء مهمة أمنية وطنية لإنقاذ سكان...

Posted by ‎ميمي الزوينه براهيم‎ on Friday, October 25, 2024

وأدت فيضانات نهر السنغال في الأيام الأخيرة إلى نزوح مئات الأسر الموريتانية المستقرة على ضفافه إلى مناطق أخرى، بعد أن حاصرت المياه أزيد من عشرين قرية وقطعت معظم الطرق المؤدية إلى هذه القرى.

ونهر السنغال هو أحد الأنهار الرئيسية في غرب إفريقيا، ويمتد بطول حوالي 1800 كيلومتر من مرتفعات غينيا حتى يصب في واجهة السنغال بالمحيط الأطلسي، عابرا الحدود مع موريتانيا التي تعتمد عليه بدورها في حاجاتها المائية.

وفي زيارة للمناطق المتضررة من ارتفاع منسوب النهر الأسبوع الماضي، قال وزير الزراعة والسيادة الغذائية، أمم ولد بيباته، إن الفيضانات خلفت "أضرارا كبيرة" بالمزارع والقرى المحاذية للنهر.

مقتطفات من زيارة معالي الوزير لبعض القرى المتضررة من ارتفاع منسوب مياه النهر ببلديتي انتيكان ولكصيبة 2

Posted by ‎وزارة الزراعة Ministère de l'Agriculture‎ on Thursday, October 17, 2024

وأضاف في تصريحات صحفية أن السلطات استعانت بالجيش في الساعات الماضية لنقل المتضررين إلى أماكن آمنة "تفاديا للمزيد من الأضرار الناجمة عن ارتفاع منسوب مياه النهر".

والأربعاء، قالت اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان (مؤسسة رسمية) إنها تشعر بـ"قلق عميق" إزاء الأضرار التي خلفتها الفيضانات الأخيرة لنهر السنغال، وقالت إن هذه الظواهر الطبيعية "تشكل تهديدا خطيرًا للسكان المقيمين على ضفاف النهر، ومن الضروري اتخاذ جميع التدابير اللازمة لضمان سلامة ورفاهية هؤلاء السكان".

المصدر: أصوات مغاربية