لا تزال ظاهرة العنف ضد النساء في المغرب تثير جدلا واسعا لا سيما بعد تسجيل النيابة العامة لـ 23 ألفا و879 قضية عام 2021، وفق ما ذكره رئيسها الحسن الداكي الذي قال إن "هذا العدد يظل مقلقا رغم الجهود المتواصلة".
ودعا الداكي في افتتاح دورة تدريبية حول "تعزيز دور قضاة النيابة العامة في توفير حماية ناجعة للمرأة" التي انتهت الخميس، إلى مضاعفة الجهود وتطويق أسباب هذا العنف ومواجهة جميع المتورطين بكل صرامة وبما يلزم من جزاءات قانونية.
وذكر الداكي، أن العنف ضد المرأة يعد حاجزا في سبيل تحقيق الأمن الاجتماعي، كما أنه يحول دون تحقيق أهداف التنمية المستدامة "وهو ما يبرر العناية المولوية (الملكية) الدائمة بالنهوض بالمساواة بين الجنسين وتعزيز الحقوق الأساسية للمرأة المغربية".
وفي ظل تفاقم العنق ضد النساء، وفق ما تعكسه أرقام النيابة العامة في المغرب، فإن مخاوف الفعاليات الحقوقية والمدنية في البلاد لا تزال قائمة، داعية إلى تشديد العقوبات وتعديل القانون الجنائي بما يلزم لتوفير الحماية ضد هذا النوع من الجرائم.
"أرقام مهولة"
وتعليقا على الموضوع، ترى رئيسة جمعية التحدي للمساواة والمواطنة، بشرى عبده، بأن عدد قضايا العنف ضد النساء هي أرقام مهولة لكنها تعني أن المرأة أصبحت تكسر جدار الصمت من أجل البوح والتبليغ عن العنف الممارس عليها.
وتابعت في حديث لـ"أصوات مغاربية"، موضحة أنه بالرغم من كون عدد هاته القضايا يبدو مرتفعا إلا أنه يبقى رقما قليلا مقارنة مع عدد النساء اللاتي لا زلن يعانين من عنف يومي مع أزواجهن دون التبيلغ عن ذلك.
وعزت عبده ارتفاع العنف ضد النساء إلى أسباب متعددة منها عدم التواصل بين الطرفين وحدوث شنآن دائم إلى جانب عدم الإنفاق والاغتصاب الزوجي، مشيرة إلى أنه يحمل أنواع كثيرة تشمل العنف الجسدي والنفسي والجنسي والرقمي.
ومن جهة أخرى، اعتبرت أن زواج القاصرات نوع من العنف الممارس ضد الفتيات، ووصفته بـ"العنف القانوني" حيث يسمح للقاصر بالزواج دون وصولها لمستوى الدخول في علاقة زوجية مما ينتج عنه حرمانها من حقوقها الأساسية التي تنص عليها اتفاقية حقوق الطفل.
ودعت عبده في هذا الإطار إلى ضرورة منع زواج القاصرات وإحداث قانون يحمي ويصون كرامة الفتيات في سن أقل من 18 سنة، لأن "مكانهن الطبيعي والذي يجب أن تتحمل الدولة مسؤوليته هو المدرسة والأسرة".
وارتباطا بهذا الموضوع، ذكر الداكي أن النيابة العامة ترى أن العنف ضد المرأة يتسع ليشمل موضوع زواج القاصر بوصفه انتهاكا لحقوق الفتاة يحرمها من حقها في النمو السليم ويعترض سبيل بناء شخصيتها المستقلة، حيث ارتفع عدد ملتمسات النيابة العامة برفض الإذن بزواج القاصر من 12773 ملتمس سنة 2020 إلى 20200 ملتمسا سنة 2021.
"إشكال قانوني"
وبشأن مدى نجاعة القانون في الحد من ظاهرة العنف ضد النساء، قالت المحامية والحقوقية، عائشة لخماس، إن هناك إشكالا كبيرا في القانون المتعلق بمحاربة العنف ضد النساء لأنه يظل عاجزا عن محاربة هذه الظاهرة.
وأضافت لخماس في تصريح لـ"أصوات مغاربية"، أن هذا القانون عبارة عن تعديلات بسيطة في القانون الجنائي رغم أنه استحدث عددا لابأس به من الجرائم "إلا أنه يبقى غير كاف أمام ظاهرة مثل العنف ضد النساء".
وشددت لخماس على الحاجة لقانون شامل يضمن الوقاية والحماية والتكفل وعدم الإفلات من العقاب، وقالت "نحتاج أيضا إلى تخصصات متنوعة وإجراءات متطورة تضمن حق النساء في التبليغ وتقديم الحجج وسرعة التنقل والوقوف على الحدث".
وترى المحامية والحقوقية أن القانون الحالي لا يكفي ولا يصل إلى إنصاف المرأة في حقوقها سواء من حيث المسطرة الجنائية أو الإمكانيات المادية التي تتوفر عليها المحاكم والشرطة القضائية.
وسجلت المتحدثة ذاتها، وجود صعوبات ناتجة عن فراغ قانوني في ما يخص إجراءات إثبات التعرض للتحرش والعنف الزوجي وما ينعكس عليه من معاناة نفسية كبيرة، داعية إلى نقاش شامل ووجود سياسة عامة للحد من هذه الظاهرة.
المصدر: أصوات مغاربية