بعد أيام من الغموض بشأن اختفاء ابن عضو في المجلس الأعلى للدولة الليبي في طرابلس منذ نحو أسوعين، أعلن جهاز الأمن الداخلي الخميس أنه قيد الاحتجاز صحبة آخرين بتهمة " الخروج عن الملة الإسلامية"، ما فجر جدلا على مواقع التواصل الاجتماعي بشأن ملابسات الحادثة وحرية المعتقد في البلاد.
ونشر جهاز الأمن الداخلي مقاطع مصورة عبر موقع الإلكتروني وصفحته على فيسبوك، على طريقة اعترافات المجرمين، ويظهر فيه أشخاص بملامح مخفية وهم يتحدثون عن قصص اعتناقهم للديانة المسيحية.
وقال الجهاز ، في بيان مصاحب، إنه يحرص على "رصد الأنشطة والدعوات المشبوهة التي تستهدف الهوية الإسلامية لمجتمعنا، بما في ذلك جريمة الردة عن الدين والتحريض عليها"، وهي أنشطة ودعوات "تغذيها وتدعمها جهات خارجية".
ابني مختطف
ومن بين الأسماء التي أعلن الأمن الداخلي عن احتجازها سيفاو سالم مادي، وهو نجل عضو المجلس الأعلى للدولة الليبي ولجنة الحوار السياسي، سالم موسى مادي الذي كان قد أعلن عن اختفاء نجله في 26 مارس الماضي في طرابلس.
وفي منشور على فيسبوك، اتهم سالم مادي جهاز الأمن الداخلي بـ"خطف" نجله، واصفاً الإجراء بأنه "لا صلة له بالقانون" وبأنه باطل وأن ما يترتب عليه أيضاً "باطل".
وفي التفاصيل التي قدمها تبريراً لعملية الاحتجاز التي لم يعلن عنها إلا بعد 10 أيام، أشار جهاز الأمن الداخلي في بيان منفصل إلى من وصفهم ببعض "المروجين للأفكار المتطرفة" من الجنسيات الأجنبية المختلفة التي تم إدخالها الى ليبيا عن طريق بعض المنظمات الأجنبية.
منذنب أم بريء؟
وبعيداً عن تفاصيل واقعة الاحتجاز، انشغل مدونون على مواقع التواصل الاجتماعي في ليبيا بين تأييد الإجراء الذي قام به جهاز الامن الداخلي باعتباره من صلب اختصاصاته وبين رفضه باعتباره مساساً بحرية الإنسان وحقه في حرية المعتقد.
السؤال المطروح ما علاقة الأمن الداخلي بمعتقدات الانسان... في دولة يحكمها قانون الغاب بإمكانك ان تلفق اي تهمة بأي شخص بالعزف على وتر الدين... في بلد يتقاضى فيه فيه المفتي الضال مرتب وزير..ويصرف المكلف بالأوقاف مئات الآلاف على الكاط...
— Moh.Nafati (@M_Nafati) April 6, 2023
وضمن الأصوات التي دعمت سيفاو، الإعلامي الليبي خليل الحاسي الذي أعرب عن تضامنه "المطلق" معه واصفاً الإجراء بانه اختطاف من قبل الأمن الداخلي وواصفاً مدير الجهاز بأنه "زعيم ميليشيا سيئة السمعة".
ودافع الحاسي في تغريدة على تويتر عن حق الاعتقاد وتابع "لن تكون مطالبة الشعوب بحريتها السياسية مقنعة وهي تكفر بأم الحريات "الحرية الفكرية" وقد عاد جهاز الأمن الداخلي أسوأ مما كان عليه في السابق".
#سيفاو_سالم_مادي اللي قلبوا عليه الدنيا بعض المدونين و خصوصاً من هم خارج ليبيا #طلع ليس #مخطوف وانما محجوز لدى جهاز الأمن الداخلي بتهمة الارتـ ـداد عن الدين الإسلامي والدعوة للتنـ ـصير ومعتنق للمسيحه منذ 2017 ويحضر في صلاوتها في كنيسة بطرابلس pic.twitter.com/X8WnIVHP0k
— abd allatheef harb (@Abdoko99) April 6, 2023
بالمقابل أثنى آخرون على ماقام به جهاز الأمن الداخلي باعباره عملاً وطنياً، واصفين سيفاو مادي والمحتجزين معه بأنهم "مرتدين" عن الدين الإسلامي وبأنهم يشكلون خطراً على قيم المجتمع الليبي الدينية.
وطالب هؤلاء بدعم جهاز الأمن الداخلي مادياً ومعنوياً بمواصلة عمله في التصدي لما سموه "الظواهر الهدامة".
وتوجد في العاصمة الليبية طرابلس كنيستان تفتحان أبوابهما بانتظام للمصلين الأجانب المقيمين في البلاد، وهما كنيسة الظهرة وكنيسة السيدة مريم التي أعيد ترميمها وافتتاحها مؤخراً في المدينة القديمة.
مسلمين فقط على #ضياء_بلاعو و #سيفاو_سالم_مادي ولكن البلطجة والمال العام السايب والفساد وهولوكوست #ترهونة وتهجير #تاورغاء ؟! مارسوا إسلامكم الأنتقائي المتطرف، تي ازف كان فيكم مسلم واحد فيه عرق يسطر أهو الفاغنر الك*فار يشخوا في بلادكم ترا واحد فيكم يستعرض أيمانه في سبيل الله بجديات
— محمدسالم (@KoOkeTo_11) April 7, 2023
وانتقد آخرون "انتقائية" جهاز الأمن الداخلي في ليبيا عندما يتعلق الأمر بالقضايا التي تهدد الأمن الوطني أو انتهاك حقوق الإنسان. وتساءل مغرد يدعى محمد سالم عن قضايا أخرى مثل الفساد و "هولوكوست ترهونة" وتهجير "تاورغاء".
وتحداهم في مواجهة قوى أجنبية منتشرة في البلاد مثل مرتزقة "فاغنر" الروسية.
وصبت تغريدات وتدوينات مماثلة في اتجاه دعوة الأمن الداخلي في ليبيا إلى التركيز على القضايا الأهم مثل الفساد وسراق المال العام الذين أفسدوا حياة الناس.
كان الامن الداخلي يدير نفس المجهود اللي يدير فيه عاللي يبوا يخشوا النار على فساد و مخانب الدولة اللي خلوا حياتنا سودة نودة راهو ليبيا حالها احسن بهلباا
— Chico - تشيكو (@Shouqi_xx) April 7, 2023
وطالما أثار ت طرق الاحتجاز التي يتبعها جهاز الامن الداخلي في ليبيا جدلاً كبيراً بين النشطاء والمدافعين عن الحريات العامة وسيادة القانون الذين يشكك بعضهم في قانونيتها ومطابقتها لمعايير حقوق الإنسان.
وورد اسم جهاز الأمن الداخلي أكثر من مرة في تقارير حقوقية دولية بسبب ضلوعه في انتهاكات حقوقية، ومن بينها تقرير "بعثة الأمم المتحدة المستقلة لتقصي الحقائق في ليبيا" الذي صدر في 3 مارس الماضي، ويتهم ذلك الجهاز بتقييد الحق في التجمع وتكوين الجمعيات والتعبير وحرية المعتقد.
المصدر: أصوات مغاربية