خلف قرار العاهل المغربي الملك محمد السادس، اعتماد رأس السنة الأمازيغية عطلة وطنية رسمية مدفوعة الأجر، ارتياحا في صفوف مناضلي القضية الأمازيغية بالمغرب، بين من وصفه بالقرار "التاريخي" وبين من رأى فيه "دفعة جديدة" للقضية الأمازيغية بالمغرب.
وأفاد الديوان الملكي، الأربعاء، بأن العاهل المغربي أمر بإقرار رأس السنة الأمازيغية الذي يحتفل به بالمغرب في الـ13 يناير من كل عام، عطلة وطنية رسمية مؤدى عنها، على غرار فاتح محرم من السنة الهجرية ورأس السنة الميلادية.
وأضاف البيان، أن الملك محمد السادس "أصدر توجيهاته إلى رئيس الحكومة عزيز أخنوش، قصد اتخاذ الإجراءات اللازمة لتفعيل هذا القرار الملكي" الذي يأتي "تجسيدا للعناية التي يوليها العاهل المغربي للأمازيغية باعتبارها مكونا رئيسيا للهوية المغربية الأصيلة الغنية بتعدد روافدها، ورصيدا مشتركا لجميع المغاربة دون استثناء، كما يندرج في إطار التكريس الدستوري للأمازيغية كلغة رسمية للبلاد إلى جانب اللغة العربية".
ويطلق على رأس السنة الأمازيغية اسم "إيض يناير" أو "إيض أوسكاس" (ليلة يناير، ليلة العام الجديد)، ويوافق الـ13 من يناير بالمغرب، بينما اعتمدت الجزائر الـ12 من الشهر نفسه عيدا وطنيا وعطلة رسمية منذ عام 2017.
ومنذ دسترة اللغة الأمازيغية بالمغرب عام 2011، يطالب أمازيغ المملكة بضرورة إقرار رأس السنة الأمازيغية عيدا وطنيا وعطلة رسمية مؤدى عنها، غير أن هذا المطلب ظل عالقا وأثار على مدار السنوات الماضية جدلا في المشهد السياسي بالبلاد.
التجمع العالمي الأمازيغي: القرار دفعة جديدة للأمازيغية
أشاد التجمع العالمي الأمازيغي بقرار العاهل المغربي، وقال في بيان إنه استقبله بـ"سعادة كبيرة" وبـ"اعتزاز" لتفاعل الملك محمد السادس مع هذا "المطلب الشعبي".
واعتبر التجمع، الذي يعد من بين أبرز المنظمات المدافعة عن القضية الأمازيغية في المنطقة المغاربية، أن إقرار هذا اليوم عيدا وطنيا وعطلة رسمية مؤدى عنها من شانه أن يعطي "دفعة جديدة للأمازيغية" بالمغرب مشيرا إلى خطاب سابق للعاهل المغربي أكد فيه أن تاريخ البلاد "يمتد لأكثر من 12 قرنا فضلا عن تاريخها الأمازيغي الطويل".
جبهة العمل الأمازيغي: محمد السادس راعي الأمازيغية الأول
من جانبها، ومن جهتها قالت جبهة العمل الأمازيغي، المقربة من حزب التجمع الوطني للأحرار (قائد التحالف الحكومي)، إنها تلقت القرار بـ"ببالغ الفرح والسرور"، واصفة العاهل المغربي بـ"راعي الأمازيغية الأول".
وأفادت المنظمة الحقوقية بأن هذا الاعتراف ينضاف إلى قرارات أخرى اتخذها العاهل المغربي منذ اعتلائه العرش عام 1999، داعية إلى "ضرورة تظافر جهود كل القوى السياسية والمدنية لإنجاح مسلسل تفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية، منوهين بالالتزام المسؤول الذي أبانت عنه الحكومة في مسار إرسائه عبر عدة إجراءات عملية بدءًا بتخصيص صندوق لهذا الغرض وكذا وضع استراتيجيات قطاعية سيكون لها بالغ الأثر الإيجابي مستقبلًا في رد الاعتبار للغة والثقافة الأمازيغية، تفعيلا للتوجيهات السامية لصاحب الجلالة حفظه الله".
الحركة الشعبية: قرار تاريخي وحكيم
من جهته، وصف حزب الحركة الشعبية (معارض)، وهو من بين الأحزاب المغربية التي دافعت عن الأمازيغية منذ تأسيسه عام 1957، اعتراف العاهل المغربي برأس السنة الأمازيغية عيدا وطنيا وعطلة رسمية مدفوعة الأجر بـ"القرار والتاريخي والحكيم"، مفيدا بأنه يأتي استكمالا لعدد من المبادرات التي أطلقها العاهل المغربي للنهوض باللغة والثقافة الأمازيغيتين.
وقالت الحركة في بيان "نتطلع إلى أن يتم التجاوب مع رووح ومقاصد الإرادة الملكية المتبصرة من خلال التنفيذ والتنزيل الحقيقيين للقانون التنظيمي المتعلق بتحديد مراحل تفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية وكيفيات إدماجها في كل مجالات الحياة".
وتابعت "ندعو إلى اعتماد سياسات عمومية مبنية على العدالة المجالية ومنسجمة مع إيلاء اللغة والهوية الأمازيغية مكانتها اللائقة بها كمكون أساسي في الهوية الوطنية بوحدتها المتنوعة".
أما موحا مخلص، الناشط الأمازيغي والباحث بالمعهد الملكي للثقافة الأمازيغية فعبر في تدوينة مطولة على صفحة الخاصة على فيسبوك، عن شكره للعاهل المغربي الملك محمد السادس، واصفا القرار بـ"الثوري".
وأضاف مخلص "هذا القرار الثوري، سيجعل من الممكن تنظيف كتب التاريخ المدرسية وسيمكن من تثقيف الأجيال القادمة ويعزز شعورها بالفخر بجذورها الأمازيغية".
بدوره، أشاد الإعلامي والناشط الأمازيغي عبد الله بوشطارت باعتماد "إيض يناير"، مفيدا بأن القرار يأتي بعد تضحيات قدمها العشرات من المناضلين من أجل اللغة والثقافة الأمازيغيتين.
وكتب في تدوينة أرفقها بصورة للناشط المغربي الأمازيغي الراحل، أحمد الدغرني، "كأنه حاضر معنا هذه الليلة... وكجميع الليالي والأيام والأوقات فأنت حاضر معنا وبيننا بابتسامتك المعهودة".
وتابع "ما تحقق اليوم للأمازيغية ساهم فيه دا حماد (يقصد أحمد الدغرني) وآخرون رحلوا عنا، ساهموا بالفكر والنقاش والكتابة والتأليف والنضال والمال والوقت، ضحوا بحريتهم وصحتهم وكل شيء من أجل الأمازيغية وفي زمن صعب جدا، مثل المرحوم اوسادن، وازايكو وأخياط والملكي، وبنحقية ومونيب واجعجاع وعلي إيكن وآخرون كثر".
المصدر: أصوات مغاربية