بمزيج بين السخرية والغضب تفاعل ليبيون بشكل واسع مع قرار هيئة الأوقاف والشؤون الإسلامية في طرابلس، تشكيل جهاز أسمته "حراس الفضيلة" بهدف رصد وتتبع الانحرافات العقدية والفكرية والأخلاقية وإحالة المنحرفين للجنة إعادة التأهيل.
وشكك متفاعلون على مواقع التواصل في قانونية الإجراء الذي اتخذته الهيئة ووصفوه بأنه وسيلة جديدة لقمع الحريات ومحاولة لإعادة البلاد إلى "العصور المظلمة" من قبل الهيئة التابعة لحكومة الوحدة الوطنية.
غضب وريبة
وفي تقديمها للجهاز الجديد، أعلنت الهيئة أن برنامج "حراس الفضيلة" سينضم إلى باقة "البرامج الهادفة" التي تسعى الهيئة من خلالها لتطوير وسائل الدعوة، ونشر القيم، وتعزيز الأخلاق الحميدة، وتحصين المجتمع من كافة آفات الانحراف الأخلاقي والعقدي.
حراس الفضيلة .. !!
— ATLibya (@libya_at) May 27, 2023
ليبيا إلى أين ..https://t.co/wdDsJzTxCv pic.twitter.com/2PtiJihGsn
وأثار إعلان الهيئة الصادر قبل يومين، موجة من الغضب والريبة عبر عنها كثير من مرتادي مواقع التواصل الاجتماعي من خلال منشورات تحذر من الخطوة فيما تساءل آخرون إلى أين تتجه البلاد.
ماهي "الفضيلة"؟
وطرح عدد من النشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي أسئلة كثيرة عن دور الجهاز وصلاحيات أعضائه وما معايير اختيارهم ومن يتولى مراقبة "حراس الفضيلة" أنفسهم؟
وتساءل آخرون عن تعريف "الفضيلة" التي تعتزم هيئة الأوقاف حمايتها وعن من حددها و السند القانوني الذي استندوا عليه لحمايتها.
السلطة الثيوقراطية تحكم في #طرابلس
— Alaa Elaroush علاء العروش (@Alaa_Elaroush) May 25, 2023
الهيئة العامة للأوقاف والشؤون الإسلامية تطلق برنامج بعنوان "حراس الفضيلة" للإصلاح المجتمعي ومن اهدافه
1) تطهير المجتمع وتحصينه من الدذيلة
2) تقوية الإيمان بالله عز وجل pic.twitter.com/PjJl8lrFNn
وضمن أحد المتفاعلين تغريدته الآية القرآنية "يا أيها الذين آمنوا اجتنبوا كثيرا من الظن إن بعض الظن إثم ولا تجسسوا ولا يغتب بعضكم بعضا.." معتبراً أن جهاز "حراس الفضيلة" يعمل "بمبدأ الظن والمنهي عنه في القرآن الكريم".
وفي محاولة لتطمين المخاوف، أوضحت الهيئة العامة للأوقاف بأن جميع المعنيين بالبرنامج يلتزمون "بمراعاة خصوصية الأفراد والجهات، من خلال المحافظة على سرية البيانات والمعلومات الموثقة لغرض الإصلاح والتوعية".
استحداث جهاز جديد لهدر اموال الدولة تحت مسمى حراس الفضيلة لمحاربة الظنون
— Khalid (@benniran) May 25, 2023
الاوقاف تقول لكم ما حد خير من حد pic.twitter.com/UCnHs5yKcY
وأشارت إلى أن القائمين على البرنامج "سيتحلون بالحلم، والجدية، مع الحكمة والأناة، وأن يلتزموا بالرفق واللين، والدعوة إلى الله على بصيرة وعلم".
هدر للمال العام
وعلق آخرون على إعلان هيئة الأوقاف إطلاق البرنامج من زاوية مختلفة تتعلق بالميزانية التي ستخصص لهذا الجهاز الجديد، واصفين ما يحدث بأنه هدر إضافي للمال العام في ليبيا.
حراس الفضيله وبلاد مفيهاش دستور يحدد علاقه الحاكم بالمحكوم ولا قانون اصلاً
— 🇱🇾🍎 𝒻𝒶𝓇𝓇𝒶𝒽 (@Saintfarrahx) May 26, 2023
انا مع جهاز لمكافحه الظواهر السلبيه ولكن ضد التسميات
الدينيه واعطاء صفات عليا
لي اشخاص متخرجين
من دورات سته شهور
وبالمقابل نظر آخرون للموضوع من زاوية "الصراع" بين التيارات الدينية المختلفة في البلاد، ورأوا أن هيئة الأوقاف (التي توصف بأنها تحت هيمنة تيار السلفية المدخلية) تحاول فرض منهج "المداخلة" على الشارع الليبي "المحافظ بطبعه" بحسب هؤلاء.
وتساءل البعض: هل ما ينقص البلاد حالياً هو العمل على حراسة الفضيلة؟ وسط حالة الانقسام السياسي وعدم الاستقرار الذي تشهده ليبيا منذ سقوط نظام القذافي عام 2011.
🚨 برنامج "حراس الفضيلة" التابع للأوقاف سيمارس رقابة وتضييقا شديدين على الحياة العامة وعلى الصحافة والإعلام والثقافة، وسيتم إلقاء القبض بسرية على كل من يشتبه في أن "عقيدته منحرفة"
— Amr Fathalla ⴰⵎⵔ ⴼⵜⵃⴰⵍⵍⴰⵀ (@AmrFatihalla) May 27, 2023
يجب على #الدبيبه إيقاف هذه المهزلة 👇 وإلا فإنه يعتبر مشاركا فيها.#طرابلس #ليبيا #Libya #Tripoli pic.twitter.com/MBDUOEYwDv
ويتخوف نشطاء وإعلاميون من استخدام هذا الجهاز في التضييق على الحياة العامة وعلى الصحافة والإعلام والثقافة، ومن عمليات القبض "السرية" على كل من يشتبه في أن "عقيدته منحرفة" وفقاً لمعايير الأوقاف.
اللي عنده خلل في العقيدة يدرس عل اليمين 📷#حراس_الفضيلة#ليبيا pic.twitter.com/y1zbRMMlhO
— خيرالله إبراهيم 🇱🇾 (@kherallhab_LY) May 26, 2023
ووسط الخوف والتحذير من الخطوة، فإن البعض لم يأخذها على محمل الجد ووجدوا فيها فرصة للسخرية وإطلاق النكات ونشرها مصحوبة بصور أو لقطات طريفة. وغرد أحدهم "الي عنده خلل في العقيدة يدرّس (يصف) على اليمين" في تشبيه لكيفية حراسة الفضيلة بطريقة ضبط المخالفات المرورية.
وتشهد ليبيا منذ فترة صراعاً بين مناهج وتيارات وتوجهات دينية مختلفة ظهر جلياً في الأزمة التي تفجرت حول هلال عيد الفطر بين الهيئة العامة للأوقاف ودار الإفتاء والتي أدت لإحياء العيد في يومين مختلفين.
سجال كلامي وتراشق بالاتهامات.. ماذا يجري بين دار الإفتاء وهيئة الأوقاف#أبعاد #ليبيا pic.twitter.com/5iJN7h8yJ3
— أبعاد (@abaadnews_ly) April 30, 2023
وتتهم دار الإفتاء الليبية التي يرأسها الصادق الغرياني (المعزول من قبل البرلمان في الشرق) الهيئة العامة للأوقاف والشؤون الإسلامية التي يرأسها محمد العباني بالسعي لفرض المنهج "السلفي المدخلي" على البلاد، فيما يصف "المداخلة" دار الإفتاء ورئيسها الغرياني بأنهم إخوان مسلمون من أنصار السيد قطب.
ودخلت تيرات دينية مثل السلفية وغيرها في سنوات التسعينيات بحسب باحثين مختصين، بينما يعتبر أكثر من 95% من الليبيين من السنة المالكيين، بينما يتبع جزء من أمازيغ ليبيا المذهب "الإباضي" خاصة في غرب البلاد.
المصدر: أصوات مغاربية