ضاعفت الحركة النسائية بالمغرب من تحركاتها في الفترة الأخيرة مع تصاعد حدة النقاش في المملكة حول التعديل المرتقب لقانون الأسرة للضغط على السلطات من أجل تحقيق مكاسب تشريعية للمرأة.
وأطلق تحالف مدني يتكون من جمعيات حقوقية نسائية حملة لتغيير فصول في قانون الأسرة، المعروف محليا بـ "مدونة الأسرة"، وهي فصول "تميز ضد النساء فيما يتعلق بالولاية القانونية على الأبناء".
ودعا التحالف في بيان إلى تغيير الفصول 230 و 231 و 236 و 237 من مدونة الأسرة و تعديلها لتشمل حق الأم في الوصاية القانونية على أبنائها وتحقيق مساواة تامة مع الأب.
ويقول التحالف إن المملكة عليها تغيير هذه الفصول في التعديل المرتقب بشكل يجعلها تستجيب للالتزامات الدولية التي صادق عليها المغرب وتعهَّد بتنفيذها فيما يخص حقوق النساء والأطفال.
وأكد التحالف أن الحملة تأتي في إطار "الخطاب الملكي الداعي لتعديل مدونة الأسرة وبعثه الأمل بتجديد المضامين، ومواكبة التوجه المنتصر لمبدأ المساواة، وتنزيلا للاختيار الدستوري فيما يخص الديمقراطية التشاركية وبالتالي تعزيز شروط مواصلة منظمات المجتمع المدني دفاعها عن قضايا حقوق الإنسان وفي مقدمتها طرح القضايا الأساسية ذات الصلة بحقوق المرأة والأطفال".
وكشف التحالف أنه عقد العديد من اللقاءات مع عدد من الأحزاب السياسية والبرلمانيين والبرلمانيات من أجل تقديم تصوراته حول النهوض بحقوق المرأة بمختلف المجالات".
ويشدد ناشطون حقوقيون على أن الوقت حان لتقوم الحكومة المغربية بتغيير وإدخال تشريعات تضمن المساواة التامة بين النساء والرجال في البلاد.
فصول لصالح الرجل
وتقع الفصول 230 و 231 و 236 و 237 في القسم الثاني من "مدونة الأسرة" وخاصة بالولاية الشرعية على الأبناء.
وتحدد هذه الفصول على أن الأب هو الوصي الشرعي على الأبناء، وتكون الأم وصية في حال عدم تواجد الأب أو أن يفقد الوالد الأهلية ليكون الوصي على الأبناء.
وتشير جميع هذه الفصول إلى أن الأب هو الولي على أبنائه بحكم الشرع، ما لم يجرد من ذلك بحكم قضائي، فيما يُسمح للأم أن تقوم بالمصالح المستعجلة لأبنائها في حالة حصول مانع لدى الأب.
أما المادة 238 من القانون الحالي، فتفصّل الحالات التي يمكن للمرأة الولاية بدل الأب، وتشترط لولاية الأم على أولادها "عدم تواجد الأب بسبب وفاة أو غياب أو فقدان للأهلية، أو مبحوث عنه من أجل جنحة إهمال الأسرة أو أثناء قضائه عقوبة حبسية بسبب جنحة أو جناية، أو بغير ذلك".
تقول بشرى عبدو، رئيسة جمعية التحدي للمساواة والمواطنة، إن هذه المواد تقيد ولاية الأم لأبنائها وتعتبر أن الولاية المطلقة للأب الزوج أو الطليق ولا حق للأم على أبنائها".
وتشير عبدو في حديث لموقع "الحرة" إلى أن هذه الفصول تمنح الأم "رعايتهم فقط ولا يمكنها إنجاز وثائق إدارية كجواز السفر، أو السفر رفقتهم خارج الوطن، أو مثلا نقلهم من مدرسة لأخرى".
وبالنسبة للناشطة الحقوقية فهذا "ظلم وحيف"، خاصة في حال عدم اكتراث الأب الطليق وعدم أدائه النفقة أو زيارة الأبناء وعدم الاهتمام بشؤونهم، وتضيف "لكن رغم ذلك فهو الولي الشرعي" بحكم القانون.
يقر أستاذ العلوم الدستورية، رشيد لزرق، أن المشرّع يعتبر المرأة غير قادرة على حضانة الأبناء والقيام بمهام الولاية، ويسندها بالمقابل للأب.
ويشير لزرق في حديث لموقع "الحرة" إلى أن ذلك يكرس التمييز بين الرجل والمرأة.
ويرى المتحدث أن الممارسة العملية أظهرت أن هناك تعسفا في استخدام الحضانة مما يؤثر سلبا على الأبناء خاصة في إدارة شؤونهم الإدارية والقانونية.
وفي يونيو الماضي، نظمت حركة "هيَّ" الحقوقية تجمعا احتجاجيا بمدينة الدار البيضاء، للمطالبة بإصلاح شامل للقوانين المغربية بما يضمن المساواة بين الرجال والنساء، وذلك تزامنا مع توجه الحكومة المغربية لتعديل القانونين الجنائي والأسري.
وتصاعدت خلال الفترة الأخيرة، حدة النقاش الدائر بشأن التعديل المرتقب لقانون الأسرة والقانون الجنائي، بين التيارين المحافظ والتقدمي بسبب موضوعات خلافية تركز عليها المنظمات الحقوقية في مطالباتها للسلطات التشريعية بالبلاد.
يرى لزرق في حديثه لموقع "الحرة" أن المغرب مدعو لملائمة تشريعاته الوطنية مع التزاماته الدولية التي وقع عليها في إطار إزالة كل أشكال التمييز ضد المرأة و تحقيق المساوة الكاملة و حقوق الطفل.
من جانبها، تقول عبدو في حديثها لموقع "الحرة" إن المطلب اليوم هو اعتماد الولاية المشتركة بين الزوجين، وأن تسقط عن الرجل في حالة عدم أدائه النفقة أو عدم زيارته للأبناء أو غيابه المُطلق.
ومدونة الأسرة هي محط خلاف كبير بين المحافظين الذين يدافعون عن ضرورة ارتباطها بالشريعة الإسلامية، وآخرين ممن يشددون على ضرورة استجابتها للاتفاقيات الدولية التي وقعها عليها المغرب.
المصدر: موقع قناة "الحرة"