تصاعدت حدة الجدل في موريتانيا بشأن مشروع قانون "الكرامة" لمحاربة العنف ضد النساء، إذ اعتبره البعض منافياً للتعاليم الإسلامية، بينما ردّ آخرون بأن تعليقات الغاضبين تنصب حول بنود قانونية "فُبركت" على الشبكات الاجتماعية و"غير موجودة أصلاً في الواقع".
والأربعاء، خرجت الحكومة الموريتانية لتنفي صحة ما يتم يتداوله عن مواقع التواصل الاجتماعي، قائلة إن
الكُرة بيد أهل الفتوى وعلماء الدين"، رافضة "المزايدة على واضعي النص القانوني في الالتزام الديني والأخلاقي".
وأرجع الناطق باسم الحكومة، الناني ولد اشروقة، "الشائعات" المنتشرة إلى "حملة منظمة ضد القانون تأخذ بعض المعلومات من قوانين سابقة"، قائلا إن النص الحالي "ما زال مشروعا لم يعتمد بعد".
وأضاف ولد اشروقة، الذي يتولى أيضا حقيبة البترول والمعادن والطاقة، أن "الأشخاص المشرفين على إعداد مشروع القانون المذكور لا يمكن المزايدة عليهم في الدين أو الأخلاق أو القيم الاجتماعية"، أن النص التشريعي "أرسل إلى المجلس الأعلى للفتوى والمظالم وهيئة العلماء الموريتانيين وقدموا ملاحظتهم حوله".
وانضم وزير الشؤون الإسلامية والتعليم الأصلي، الداه ولد سيد اعمر طالب، إلى هذه النقاشات على فيسبوك، إذ دوّن قائلا "للتوضيح لا وجود لما يسمى "قانون النوع"، الموجود هو مشروع قانون العنف ضد المرأة، وقد أُرسل لهيئة العلماء لتبيين الرأي الشرعي فيه، والقول الفصل فيه سيكون للعلماء، فلا تتعجلوا".
وفي هذا الصدد، أشاد مدونون بإحالة القانون إلى الهيئات الدينية من أجل "البت في مطابقة البنود لأحكام الدين الثابتة". فقد كتبت فاطمة أن "قانون الكرامة القول الفصل فيه سيكون للعلماء وليس لمن هبَّ ودبَّ، يجب أن يكون للعلماء وأهل الاختصاص كلمة الفصل فيه، فلا تتعجلوا".
غير أن الخروج الحكومي والإشادات لأنصار سن القانون لم تُسكت غضب بعض المشككين، داعين إلى حملة لوقف القانوني بداعي معارضته لـ"الشريعة الإسلامية".
وفي هذا السياق، وصف محمد القانون بـ"قانون الإهانة"، مضيفا أن "الأسرة في المجتمع الإسلامي كيان اجتماعي ديني صارم لتنظيم العلاقات…لذلك نرفض قانون "الكرامة" جملة وتفصيلا مهما كان اللبوس الذي سيظهر به"، وأن "الوقوف ضده انتصار لقيم الدين والمجتمع وتمريره تمرير لخنجر مسموم إلى خاصرة مجتمعنا المسلم".
واتخذ آخرون طريقا ثالثا بين الرافضين جملة للقانون والمؤيدين له، إذ أكد الإعلامي الموريتاني، المصطفى ولد محمد المختار، أن القانون الجديد "غربلة جيدة وتنقيح كبير لمشاريع قانون النوع التي قدمت سابقا".
وأشار إلى أن "تسميته بقانون النوع لا تعني بالضرورة أن جميع مواده شرا مطلقا، كما أن الشعار الجديد "قانون الكرامة" لا يجلعها مسلمة بقضها وقضيضها، وعجرها وبجرها، وهو ما تم بحثه ونقاشه من طرف الجهات المعنية إلى أن تم التوصل إلى الصيغة الحالية المرضية إلى حد ما، حيث تم الأخذ - على يبدو - بما يفيد، وترك ما هو مرفوض وغير ملائم لخصوصية بلادنا".
وينتظر أن يعرض مشروع القانون على البرلمان الموريتاني في دورته التشريعية الحالية 2023 -2024 التي افتتحت الإثنين.
وفي 2019 عندما تولى الرئيس، محمد ولد الشيخ الغزواني، الحكم في البلاد، راسلته منظمة "هيومن رايتس ووتش"، مطالبة إياه بـ"إعطاء الأولوية لحقوق المرأة خلال ولايته"، وضرورة "اتخاذ خطوات للحد من تزايد حالات العنف المبني على النوع الاجتماعي وضمان وصول الضحايا إلى العدالة".
وتؤكد المنظمة أنها وجدت خلال "بحث ميداني موسّع" قبل أربعة أعوام أن "غياب القوانين القوية ضد العنف المبني على النوع الاجتماعي وغياب المؤسسات التي تقدم العون للضحايا، بالإضافة إلى الضغط الاجتماعي والوصم، يمنع النساء والفتيات من طلب المساعدة والانتصاف عند تعرضهن للانتهاكات".
وظلت نسخ مختلفة من مشروع قانون حماية المرأة في البلاد تراوح مكانها منذ 2016، إذ سبق للحكومة أن أحالت عدد من المشاريع إلى البرلمان قبل أن يتم سحبها بعد رفض قوى نيابية في البرلمانية المصادقة عليه بداعي مخالفة مواده لأحكام الدين الإسلامي.
المصدر: أصوات مغاربية