يثير مسلسل "شط الحرية" جدلًا تاريخيًا وسياسيًا في ليبيا، وذلك بسبب تناوله لقضية "إهمال" منطقة برقة في ليبيا رغم المعاناة التي عاشها الأهالي أيام الاحتلال الإيطالي.
وفي حين يرى بعض المغردين والمدونين أن المسلسل يسلط الضوء على واقع مرير يعيشه برقة منذ عقود، يرى آخرون أن العمل الفني يعاني من نقص في الدقة التاريخية.
ويعرض المسلسل على قناة "ليبيا المسار"، ويعتبره البعض من أنجح الأعمال الدرامية الليبية خلال شهر رمضان، إذ يواصل للعام السادس على التوالي التطرق إلى قضايا توصف بعضها بـ"الحساسة" في قالب يجمع بين الدراما والكوميديا.
ويسلط المسلسل الضوء على ملفات سياسية مثل تعطل مسار الانتخابات على غرار الاستعمار الإيطالي، ومشاكل اجتماعية مثل تأخر رواتب الموظفين، وغيرها من القضايا التي تشكل هاجسًا للمجتمع الليبي.
وفي حين يؤكد مغردون أن الاعتماد على مجموعة من النجوم الليبيين المتميزين أعطى هذا العمل الفني صبغة مسلية تعكس واقع المجتمع بكل تناقضاته، يرى آخرون أن الكوميديا والسخرية لا تعني تقديم قضايا معقدة بطريقة مختزلة.
ويعتقد آخرون أن المسلسل أثار لغطًا جهويًا بسبب تناوله لقضية برقة، بينما يجب أن يكون العمل الفني عاملًا للوحدة.
وفي هذا الصدد، كتب الإعلامي الليبي ورئيس المؤسسة الليبية للإعلام التابعة لحكومة شرق ليبيا، محمد بعيو، إن "إعجابنا بمسلسل الإسكتشات الفكاهية "شط الحرية" الذي يجمع الليبيين في شهر رمضان الكريم، لا يعني إعطاء صك على بياض للسيد فتحي القابسي الذي هو مؤلف ومخرج وسيناريست وصاحب الشط بكل تفاصيله الجميلة في بساطتها والبسيطة بجمالها، وحتى العبيطة حيناً والتلفيقية أحياناً، وهو صاحب الحرية التي تفتقد أحياناً عن قصد من فتحي أو سهو للمسؤولية الوطنية، قدر افتقار المسلسل الشديد في بعض حلقاته للحبكة الدرامية أو الخيط الناظم للعمل الفني بجميع أركانه ومكملاته".
وانتقد محمد بعيو ما اعتبره إقحام برقة في المسلسل بالحديث عن معتقالاتها أيام الاستعمار الإيطالي قائلا إن "تلك الحقبة الفاشية السوداء مضت وانقضت"، وأن "ليبيا كلها محرومة وفي مدنها وقراها وبلداتها"، لافتا إلى أهمية "مواجهة هذا البؤس المتفشي والمسيطر" على البلاد.
وتابع: "نحن الليبيون كلنا يا سيد فتحي القابسي في العذاب مشتركون، وجميعنا بالثورة على هذا الظلم مطالبون ومسؤولون، فلا حاجة بك للإسقاطات ولا للرمزيات ولا للضرب تحت الحزام".
من جانب آخر، انبرى العديد من المدونين إلى الدفاع عن المسلسل، مؤكدين وجود تهميش تنموي لمنطقة برقة، رغم دورها في تحرير ليبيا من الاستعمار.
ونشر حامد سليمان صورة لأحد المعتقلات، قائلا "تم ذكر العديد من المعتقلات في برقة في حلقة شط الحرية والقائمة تطول، وشاهدة على جرائم الإحتلال الإيطالي".
امرأة برقاوية في مُعتقل "العقيلة" بين جنود إيطاليين تذوق جرعتها من العذاب.
— أيـُّـــوب ツ (@AR37_AlObeidi) March 25, 2024
ولا شيء يواسينا كأحفاد سِوى الشعر:
"مابي مرض غير ضرب الصبايا .. وجلودهن عرايا .. ولا في يوم يباتن ساعة هنايا"
والصورة أبلغ من الكلام ...#برقة #Cyrenaica #شط_الحرية#الهولوكوست_المنسي pic.twitter.com/0VBv6ejV2N
آخرون نشروا قوائم لما يؤكدون أنها "إحصائيات للإبادة المنسية في برقة"، وأيضا صورا توثيقة لمعاناة أهالي المنطقة.
إحصائيات الإبادة المنسيه #برقة#شط_الحرية pic.twitter.com/lUwlLGmAUN
— jalal (@jalal_aldressi) March 26, 2024
وانتقلت السجالات من الحديث عن تاريخ برقة الاستعماري، إلى الهجوم على منتقدي المسلسل مثل محمد بعيو.
فقد كتب أحمد المدان قائلا إن الأخير "لم يكتف بانتقاد حلقة شط الحرية عن برقة وتقليله من شأن برقة وتاريخها ويحاول طمسها"، مردفا "كبرقاويين نحن شعب منذ قديم الأزل ولن يطمسنا أحد، ونحن فئة عظيمة في وسط المجتمع الليبي، والاستمرار في نكران هذه الفئة والتقليل من شأنها واستصغارها لن يجلب إلا كل ما هو سيء على هذه البلاد".
المصدر: أصوات مغاربية