أثار تصنيف مؤسسة "مانكي إنسايدر" العالمية المغرب في المرتبة 154 من حيث مؤشر التعليم العالي لعام 2024 موجة من الاستياء والنقاش على مواقع التواصل الاجتماعي في البلاد.
وقد عبّر العديد من المدونين عن خيبة أملهم من هذا الترتيب "المخجل"، معتبرين أنه يُشير إلى تراجع م في أداء التعليم العالي وفشل خطط الإصلاح.
وجّه البعض انتقادات حادة لما وصفوه بـ"التيه اللغوي" في الجامعات المغربية، لافتين إلى هيمنة اللغة الفرنسية على حساب اللغة العربية، ما يُعيق تقدم البحث العلمي ويحُد من فرص التعلم الفعال للطلاب. كما طالت الانتقادات "فرنسة الجامعة"، حيث يرى البعض أن اعتماد المناهج الدراسية الفرنسية يُغفل خصوصية الثقافة المغربية ويُقلّل من قيمة اللغة العربية.
وتحولّ هذا الموضوع إلى مناسبة للسجالات على الشبكات الاجتماعية، إذ شارك العديد من النشطاء آراءهم ومقترحاتهم على غرار تنظيم حوار وطني شامل لمناقشة وضع التعليم العالي والخروج بخطط ملموسة للتطوير والإصلاح، ودعوات واسعة لإجراء إصلاحات جذرية في الأطر الوزارية والتعليمية المعنية بتطبيق الإصلاحات.
وعلق ناشط يدعى سيف الدين على التقرير، قائلا إن ترتيب المغرب في هذا المؤشر العالمي "مخجل، مؤلم ومذل"، متأسفاً من أن "الوضع يزداد تأزما سنة بعد سنة".
بدوره، تساءل مدون آخر، "لماذ الدول العربية متفوقة علينا؟ ولماذا يحتل المغرب المراتب الأخيرة في العالم في التعليم؟" قبل أن يضيف أن "السبب هو فرنسة التعليم".
وعلق أحمد أن "اعتماد اللغة الفرنسية وتدريس العلوم بها من بين أسباب احتلال المغرب للمراتب الأخيرة في التعليم"، مشيرا إلى أن الفرنسية "لغة استعمار ميتة".
من جهة أخرى، كتب الفاعل التربوي وعضو في التنسيقية الوطنية للأساتذة حاملي الشهادات العليا، عبد الوهاب السحيمي، قائلا "لمن يتساءل عن أسباب احتلال المغرب المرتبة 154 رغم المجهودات التي تبذل.. في تقديري، السبب الرئيس هو العقلية القديمة المتحجرة التي تسير القطاع".
وأضاف "في المنظومة التعليمية، ممكن أن نجزم أننا غيرنا كل شيء، وجربنا الميثاق الوطني والمخطط الاستعجالي والرؤية الاستراتيجية... إلا الأشخاص اللي تيسيروا فعليا القطاع منذ عقود لم يتم تغييرهم، وهم من يعيق أي تحول وتقدم يمكن أن يقع".
وكتب الأستاذ الباحث في المركز الجهوي لمهن التربية والتكوين، محمد بن مسعود، أن "التعتيم على الفشل ليس حلاً"، مضيفا أن خبر تأخر المغرب في الترتيب العالمي للتعليم العالي "ينبغي أن يكون له صدى قوي في المجتمع ونقاش وتحليل لتحديد الاختلالات والمسؤوليات، والبحث عن الحلول والمسارات".
واقترح بن مسعود إجراء "مناظرة وطنية يحضرها المعنيون بمنظومة التعليم العالي أساتذة وباحثين وطلاب وفاعلين في الاقتصاد والاجتماع والثقافة... لا أن يُطوى ولا يُروى كمن يتستر على فضيحة تسوء وجهه".
ويعيش قطاع التعليم في المغرب على وقع أزمات متكررة منذ سنوات.
ورغم تخصيص ميزانيات ضخمة للتعليم، تظلّ المؤشرات العالمية تؤكد تأخر المغرب في هذا المجال، ما يظهر تباينا صارخا بين الأولويات المُعلنة للحكومة والنتائج التي يعتبرها كثيرون محبطة.
ففي الوقت الذي تُخصص فيه الحكومة المغربية أكثر من سبع مليارات دولار سنويا لقطاع التعليم، تفتقر الجامعات المغربية إلى الحضور في قوائم أفضل ألف جامعة عالميا، مثل تصنيف جامعة شنغهاي السنوي.
ويُثير هذا التناقض بين خطط الإصلاح والنتائج تساؤلات حول كفاءة استغلال هذه الميزانيات، وحاجة ماسة لإعادة تقييم الاستراتيجيات التعليمية في البلاد.
المصدر: أصوات مغاربية