تصاعدت الحرب الكلامية بين الاتحاد العام التونسي للشغل، أقوى النقابات العمالية في تونس، وبين الحكومة بقيادة يوسف الشاهد. ووصلت هذه الحرب الكلامية حد المطالبة بتغيير التركيبة الحكومية الحالية والإطاحة برئيسها.
حرب التصريحات
انتقد الأمين العام لاتحاد الشغل، نور الدين الطبوبي، حكومة يوسف الشاهد معتبرا أنها حكومة تصريف أعمال، قائلا، في تصريح إذاعي، إن "الفريق الحكومي يتحمل المسؤولية بما أنه يقود البلاد. والنجاح والفشل ينسب إلى ربان السفينة".
وأشار الطبوبي إلى أن "التحوير الحكومي سيتم اليوم أو غدا"، مؤكدا أن "عملية جراحية من المفروض أن تتم اليوم قبل غدا"، كما شدد على أن "المنظمات الوطنية مجمعة على هذا الاقتراح".
في المقابل، ردّ الشاهد على تصريح الأمين العام للاتحاد العام التونسي للشغل قائلا إن "هذه الحكومة ليست حكومة تصريف أعمال"، مدافعا عن حصيلتها الحالية والتي أجملها في طرح إصلاح الوظيفة العمومية والصناديق الاجتماعية والمؤسسات العمومية.
وكان الشاهد قد رفض، نهاية الشهر الماضي، إجراء تغيير على التركيبة الوزارية لحكومته، مؤكدا أنه ليس من مصلحة الوحدة الوطنية تغيير الحكومة، ونجاح البلاد شرطه الاستقرار السياسي وديمومته.
وتعاقبت، منذ انتخابات العام 2014، أربع حكومات على تونس، قاد الأولى والثانية رئيس الحكومة السابق، الحبيب الصيد، قبل أن يخلفه في أغسطس 2016 يوسف الشاهد الذي قاد حكومتين منذ ذلك التاريخ.
البحث عن تغيير
يرى المحلل السياسي، معز الباي، أن حصيلة عمل حكومة يوسف الشاهد، "أظهرت بوضوح عجزها عن تحسين الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية".
ويقول الباي، في تصريح لـ"أصوات مغاربية"، إن عدم التزام الشاهد بالتعهدات التي قطعها، خاصة فيما يتعلق بمكافحة التهرب الضريبي ومكافحة الفساد وخفض نسب المديونية، يجعل من المطالب بتغيير جذري قد يمس رأس الحكومة أمرا طبيعيا، وفق قوله.
ويشير المحلل السياسي ذاته إلى أن البحث عن حكومة كفاءات من شأنها إخراج البلاد من أزمتها الاقتصادية الراهنة هو "نتيجة حتمية لفشل الشاهد ووزرائه في حلحلة الأوضاع".
ومن منظور الباي، فإن الشاهد لم يغضب اتحاد الشغل فحسب، إذ لم يعد يتمتع بحزام سياسي داعم من قبل حزبه نداء تونس، ولا من قبل اتحاد الصناعة والتجارة (منظمة رجال الأعمال)، الأمر الذي سيسرّع، وفقا للمحلل السياسي نفسه، من عملية الإطاحة به، مرجحا أن يتم ذلك عقب الانتخابات البلدية مباشرة.
كبش فداء
في المقابل، يرى آخرون أن الإطاحة برئيس الحكومة، في هذا التوقيت بالذات الذي يسبق استحقاقا انتخابيا مهما، يؤشر على رغبة بعض الأحزاب في تحميل الشاهد مسؤوليته فشلها.
وفي هذا السياق، يقول المحلل السياسي، مختار الدبابي، لـ"أصوات مغاربية"، إن حزب نداء تونس، الذي يقود حكومة الوحدة الوطنية، ويرأسه شرفيا رئيس الجمهورية، الباجي قايد السبسي، يريد التخلّص من الشاهد وتحميله مسؤولية سوء إدارة معظم الملفات الحارقة.
نداء تونس يرغب أيضا من وراء هذه الخطوة، وفقا للدبابي، في استرضاء قيادات مؤثرة من الصف الثاني الذي يضم، وفق قوله، رجال أعمال موالين لهذا الحزب، علاوة على بعض الحلفاء الغاضبين من منهجية عمل يوسف الشاهد.
ومن شأن الإطاحة بالشاهد، يقول الدبابي، إعادة جميع خصومه إلى العمل تحت راية الحزب الذي يعتبر هذه الانتخابات مفصلية في تاريخه.
يأتي ذلك في الوقت الذي أشار فيه الأمين العام لاتحاد الشغل إلى أن حزبا سياسيا ما زال متشبثا بالشاهد، مومئا إلى حزب النهضة الذي يتزعمه راشد الغنوشي.
ومن هذا المنطلق، يؤكد المحلل السياسي ذاته أن الشاهد فقد كل أوراق قوته، خاصة بعد أن خسر دعم اتحاد الشغل بعد أن رفض الاستجابة لمطالب النقابات في العديد من الملفات، ما أفسد العلاقات بين الطرفين.
المصدر: أصوات مغاربية