أثارت واقعة اكتشاف مخيم لمصنفين تونسيين في خانة الإرهاب بولاية قفصة نقاشا بشأن ما إذا كان المتشددون غيروا نمط تحركهم وصاروا يلجؤون إلى مناطق جديدة.
ويقول خبراء عسكريون إن انتقال عناصر إرهابية إلى مناطق جديدة بعيدا عن أماكن تحصنهم التقليدية على غرار جبال الشعانبي والمغيلة يؤشر على تضييق الخناق على هذه الجماعات ما دفعها للبحث عن مخابئ جديدة.
تفاصيل العملية العسكرية
عثرت الوحدات العسكرية بجبل عرباطة في محافظة قفصة الحدودية مع الجزائر الأحد على مخيم به كميات من المواد الغذائية والمؤونة ومواد أولية تستعمل في صنع الألغام والمتفجرات، حسب بلاغ لوزارة الدفاع التونسية.
وأفادت الوزارة بأنه أثناء تفتيش المكان وتمشيط محيطه أبطلت وحدة الهندسة العسكرية مفعول 3 ألغام تقليدية الصنع، فيما أصيب عسكري بالساق جراء انفجار لغم آخر.
وقبل تنفيذ العملية العسكرية بعرباطة، عثرت الوحدات الأمنية على جثة شخص كان قد اختفى لمدة 3 أيام على بعد 4 كيلومترات من منطقة فيض خالد بمعتمدية سبيطلة في ولاية القصرين.

كما تمكنت فرق أمنية وعسكرية مختصة من تفجير لغمين كانا بالقرب من المكان الذي عثر فيه على الجثة دون حدوث أية أضرار تذكر.
خلفيات التحرك
تعليقا على هذه التطورات، قالت رئيسة المركز الدولي للدراسات الاستراتيجية الأمنية والعسكرية، بدرة قعلول، إن الجماعات المتشددة كانت تستغل جبل عرباطة كمكان استراتيجي آمن وبعيد عن الأنظار.
وترى قعلول أن الجماعات المتشددة توزع عناصرها على أكثر من مكان لفتح جبهات متعددة تهدف إلى تشتيت تركيز الوحدات الأمنية والعسكرية التي تواجه الظاهرة الإرهابية.
ويتطلب فتح جبهات جديدة من قبل المتشددين، وفق هذه الخبيرة في الشؤون الأمنية والعسكرية، تغيير القوات التونسية استراتيجياتها في مكافحة الإرهاب، خاصة في ظل إقرار السلطات بعودة أكثر من ألف عنصر متشدد من بؤر التوتر على غرار سوريا والعراق.
"عودة الإرهابيين من الخارج وإمكانية تسلل البعض منهم عبر الحدود التونسية الليبية، قادمين من دول الساحل سيفرض على الأمن التونسي إجراءات جديدة لمواجهة الأخطار المحتملة"، تستطرد المتحدثة.
معالم تكتيكية
وفي السياق ذاته، قال الخبير الأمني والعسكري فيصل الشريف إن الأجهزة الأمنية ضيقت الخناق على الجماعات المتشددة بجبال جندوبة والكاف والقصرين، ما دفعها إلى اللجوء إلى مرتفعات أخرى من بينها جبل عرباطة بقفصة، رغم أن هذه المرتفعات الأخيرة مكشوفة ولا يوجد بها غطاء غابوي كثيف.
وأضاف الشريف: "لا وجود للغابات بعرباطة وبالتالي فإن كشف المتشددين ممكن عبر العين المجرة ولا يتطلب تجهيزات عالية الدقة، رغم توفرها لدى الأجهزة العسكرية التونسية بعد شراء مروحيات مزودة بمناظير ليلية وقادرة على ضرب الأهداف".
وأشار المتحدث إلى لجوء الجماعات المتشددة إلى المرتفعات المكشوفة، معتبرا هذا الأمر مؤشرا على إفلاسها ومحاصرتها من قبل السلطات الأمنية".
"أصبح ضعف هذه الجماعات المتشددة جليا من خلال إقدام عناصرها على النزول إلى القرى الجبلية المحاذية بغاية التزود بالمؤن"، يشرح الخبير الأمني.
المصدر: أصوات مغاربية