تونسيتان تطالعان لوائح انتخابية منشورة في أحد الشوارع خلال انتخابات سابقة- أرشيف
تونسيتان تطالعان لوائح انتخابية منشورة في أحد الشوارع خلال انتخابات سابقة

تصاعدت الدعوات في تونس، تطالب باستقالة المسؤولين الحكوميين الذي يعتزمون الترشح للانتخابات التشريعية، في أكتوبر المقبل.

ويرى مراقبون أن استقالة المسؤولين من مناصبهم الحكومية سيساهم في إقامة حملة انتخابية عادلة بين جميع المرشحين، في الوقت الذي يطرح فيه آخرون إشكالية حدوث شغور المناصب الوزارية.

مسؤولون في قلب العملية الانتخابية

تعوّل أحزاب الائتلاف الحاكم على عدد من الوزراء والمسؤولين لنيل مقاعد في البرلمان المقبل.

وكانت حركة النهضة قد وضعت وزيرة التشغيل، سيدة الونيسي، على رأس قائمتها الانتخابية في دائرة فرنسا، ووزير التنمية زياد العذاري رئيسا لقائمتها الانتخابية بمحافظة سوسة (وسط)، كما قدّمت المستشار الحكومي، فيصل دربال على رأس قائمتها الانتخابية بصفاقس 2.

من جهتها، رشحت حركة تحيا تونس التي يقودها رئيس الحكومة، يوسف الشاهد، وزير النقل هشام بن أحمد على رأس قائمتها الانتخابية بدائرة تونس 2 ووزير أملاك الدولة، الهادي الماكني بمحافظة باجة (شمال)، والمستشار الحكومي، كمال الحاج ساسي بدائرة صفاقس 1.

​​

وفي السياق ذاته، رشحت حركة مشروع تونس، وزير حقوق الإنسان والعلاقات مع الهيئات الدستورية، فاضل محفوظ على رأس قائمتها الانتخابية بدائرة صفاقس 2.

وتجري الانتخابات التشريعية في أكتوبر القادم، لانتخاب 217 نائبا جديدا بالبرلمان في عهدة تستمر خمس سنوات.

 وعبر نشطاء عن خشيتهم من توظيف أجهزة الدولة من قبل المسؤولين المرشحين للانتخابات التشريعية القادمة، داعين إياهم إلى الاستقالة من مناصبهم.

الهرابي: لا تكافؤ في الفرص

وفي هذا السياق، يقول المدير التنفيذي لمرصد شاهد لمراقبة الانتخابات ناصر الهرابي، إن القانون الانتخابي يفرض حياد الإدارة، بما يعني عدم استعمال الإمكانيات المالية والبشرية واللوجستية للدولة في الحملات الانتخابية.

ويتحقق هذا الشرط، حسب الهرابي عن طريق "استقالة المسؤولين الحكوميين والوزراء من مناصبهم لخوض حملة انتخابية عادلة بين جميع المرشحين للانتخابات التشريعية".

ويضيف الناشط ذاته، في تصريح لـ"أصوات مغاربية"، أنه "من الناحية القانونية لا شيء يمنع الوزراء من الترشح، لكن من الناحية الأخلاقية والسياسية يتعين خوض حملة انتخابية بفرص متكافئة".

ويشير الهرابي إلى أن "وجود وزير ما على رأس قائمة انتخابية لأحد الأحزاب سيؤثر بشكل معنوي في توجيه آراء الناخبين".

 

​​

بن حسين: شغور وزاري

في المقابل، تعتقد النائبة، عن حركة مشروع تونس، رابحة بن حسين أن "استقالة الوزراء من مناصبهم في هذا الوقت سيخلق شغورا وزاريا، يصعب سدّه حاليا بالنظر إلى الظروف السياسية التي تمر بها البلاد".

"العطلة البرلمانية لمجلس نواب الشعب، تعقد مهمة تعيين وزراء جدد، وهي ثغرة قانونية يتعيّن تجاوزها في قادم المحطات الانتخابية، ويتعلق الأمر كذلك بالنواب الذين يرغبون في تجديد ترشيحاتهم ويجدون صعوبة في التوفيق بين عملهم البرلماني وإدارة حملاتهم الانتخابية"، تستطرد بن حسين.

وتُقر النائبة ذاتها، في تصريح لـ"أصوات مغاربية"، بأن "ترشح مسؤولين حكوميين للانتخابات، سيؤثر سلبا على مسألة تكافؤ الفرص بين المرشحين".

وتتابع بن حسين "الترشح للانتخابات، سيؤثر على الأداء الحكومي للمرشحين الذين سيجدون أنفسهم مشتتين بين الحملات الانتخابية ومناصبهم التنفيذية".

​​

المصدر: أصوات مغاربية

مواضيع ذات صلة

جانب من مظاهرة سابقة في تونس بشعار 'مانيش مسامح' احتجاجا على قانون المصالحة الاقتصادية مع مسؤولين متهمين في قضايا فساد
مظاهرة سابقة بتونس ضد قانون المصالحة مع مسؤولين متهمين بالفساد

أعلنت وزارة الداخلية التونسية، السبت، عن عدة إجراءات لتأمين عملية التدقيق في الوظائف بالقطاع العام ومؤسسات الدولة منذ 2011 إلى غاية إعلان الرئيس قيس سعيد التدابير الاستثنائية في البلاد في 25 يوليو 2021.

والأسبوع الفائت، طالب الرئيس سعيد في اجتماع مع مسؤولين بارزين بإجراء "تدقيق شامل على مستوى الوزارات ثم الحكومة"، متحدثا عن "إهدار للمال العام وفوضى داخل الإدارة وانتدابات لا بناء على قواعد قانونية واضحة بل بناء على انتماء لهذا الحزب أو ذاك أو ارتماء في أحضان اللوبيات".

أمر رئاسي جديد

أصدرت رئاسة الجمهورية، الخميس، أمرا رئاسيا بالرائد الرسمي (الجريدة الرسمية) لإجراء تدقيق شامل في الانتدابات والإدماج في الوظيفة العمومية والهيئات والمنشآت والمؤسسات العمومية والشركات ذات المساهمة العمومية وسائر الهياكل العمومية الأخرى وذلك من 14 يناير 2011 إلى 25 يوليو 2021.

وينص الأمر على إحداث لجنة قيادة لعمليات التدقيق توضع تحت إشراف رئاسة الحكومة تضم ممثلين عن هيئات الرقابة الإدارية والمالية وقضاة من القضاء العدلي والإداري والمالي، ويمكن لرئيس اللّجنة أن يستدعي كل شخص يرى فائدة في حضوره.

وتنهي لجان التدقيق أشغالها في أجل شهرين من تاريخ مباشرتها لمهامها برفع التقارير المنجزة إلى لجنة القيادة. ويرفع رئيس لجنة القيادة، في أجل شهر واحد من تلقّيه تقارير لجان التدقيق، تقريرا ختاميا في أعمالها إلى الرئاسة.

وتسحب الإدارات والهياكل المعنية قرارات الإدماج أو الانتداب التي لم تحترم الشروط والإجراءات المحددة التي ثبت اتخاذها بناء على شهائد علمية مزورة.

إجراءات الداخلية

وعقب صدور هذا الأمر الرئاسي، طالب وزير الداخلية كمال الفقي في برقية تم تعميمها على هياكل الوزارة بتأمين الأرشيف الخاص بالموظفين المعنيّين وتعيين إطار مُكلف بحفظه وإعداد قائمات إسمية في الأعوان المشمُولين بهذا الإجراء.

ودعا إلى إعداد ملفات الأعوان وتأمينها تحت مسؤولية رُؤساء الهياكل والإدارات المعنية استعدادا لإحالتها إلى لجان التدقيق المُحدثة.

وسيشمل التدقيق بالداخلية الإنتدابات وعمليات الإدماج بالوزارة والمجالس الجهوية والبلديات والمُؤسسات والمُنشآت العمُومية الخاضعة لإشرافها.

وتعليقا على هذه الإجراءات، فسّر المحلل السياسي باسل الترجمان مبادرة وزارة الداخلية بـ"تضاعف أعداد الموظفين في العقد الذي عقب سقوط نظام الرئيس الأسبق زين العابدين بن علي".

وتوقع الترجمان في تصريح لـ"أصوات مغاربية" أن "تُحدث عمليات التدقيق العديد من المفاجآت خاصة مع بدء التسريبات عن عمليات تلاعب بملفات وتدليس شهادات".

ومن وجهة نظر المتحدث ذاته فإن "عملية التدقيق لا تعد تصفية حسابات سياسية بقدر ما هي توجه نحو تطبيق القانون خاصة مع استغلال بعض الأطراف وجودها في الحكم للقيام بممارسات محظورة وفق التشريعات الوطنية".

 تقديرات الخبراء

لا توجد أرقام رسمية حول عدد الشهائد المزورة والوظائف التي تم الحصول عليها بمقتضاها،غير أن الخبير الاقتصادي عز الدين سعيدان قدّر عددها في تصريح إذاعي سابق بعشرات الآلاف.

وقال سعيدان في تصريح لراديو "شمس أف أم": "الأرقام التي اطلعت عليها تشير إلى 120 ألف شخص اعتمدوا شهائد مزيفة، يكلفون ميزانية الدولة نحو مليار دولار سنويا"، موضحا أن "من بينهم من يعمل في قطاع التدريس والهندسة والصحة".

وتواجه تونس تضخما في كتلة أجور الموظفين بالقطاع العام، وهي من المطالب التي دعا صندوق النقد الدولي إلى النظر فيها قبل المصادقة على صرف قرض جديد بقيمة 1.9 مليار دولار.

ودعا سعيدان إلى "التثبت من الشهادات المزورة وإخراج أصحابها من الإدارة ثم محاسبتهم ومحاسبة من أدخلهم إلى الوظيفة العمومية".

ويتقارب هذا الرقم مع ما جاء في تصريحات سابقة أدلى بها رئيس الجمعية التونسية لمكافحة الفساد إبراهيم الميساوي لـ"أصوات مغاربية"  قدّر فيها  "عدد الشهائد العلمية المدلسة بنحو 100 ألف من إجمالي قرابة الـ500 ألف وظيفة حكومية جديدة بعد الثورة".

ولفت الميساوي إلى أن "هذه الشبهات تشمل العديد من المؤسسات كوزارات التربية والصحة والداخلية وغيرها من الإدارات تم الحصول عليها اعتمادا على شهائد علمية غير صحيحة من تونس ودول أجنبية".


المصدر: أصوات مغاربية