تونس.. حروب كلامية تهدد استقرار حكومة الفخفاخ
تصاعدت وتيرة حرب التصريحات بين قيادات سياسية من الصفوف الأولى للأحزاب المشكلة لحكومة إلياس الفخفاخ، بما يهدد تماسكها في الفترة القادمة، خاصة في ظل تردّي الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية بتونس.
وتضم حكومة الفخفاخ وزراء من النهضة (54 نائبا) والتيار الديمقراطي (22 نائبا) وحركة الشعب (16 نائبا) وتحيا تونس وكتلة الإصلاح الوطني وشخصيات مستقلة.
وكانت الحكومة قد تشكلت بعد مخاض عسير ومفاوضات ماراطونية بين قوى سياسية متنافرة أيديولوجيا، تكهّن محللون بصعوبة استمرارها في ظل الخلافات العاصفة التي تشق مكوناتها.
حروب كلامية
استعرت حرب كلامية في الفترة الأخيرة بين قيادات تاريخية في الأحزاب المشكلة لحكومة الفخفاخ.
وكان النائب عن حركة الشعب، هيكل المكّي، قد حمّل في مراسلة إلى رئاسة المجلس ما سماه بـ"جيش النهضة الإلكتروني"، مسؤولية التهديدات التي طالته بسبب "تحيته لدور الجيشين السوري والليبي في مقاومة الإرهاب".
ووصف المكّي في رسالته الغنوشي بـ"زعيم تنظيم الإخوان في تونس وأحد قياداته على المستوى الدولي".
من جهته، وصف رئيس الكتلة البرلمانية لحركة النهضة، نور الدين البحيري، هذا الموقف بـ"التعدي غير المبرر".
وأوضح أن موقف نائب حركة الشعب "تأسس على خيار تقسيمي للمجتمع وعدائي تجاه جزء من التونسيين، وإحدى أهم مؤسسات الدولة (البرلمان)".
ولم ينته الجدل عند هذا الحد، إذ اتهم النائب عن حركة الشعب، سالم الأبيض، حركة النهضة بإعادة " إنتاجَ تجربة التجمع الدستوري الديمقراطيّ (حزب الرئيس الأسبق، زين العابدين بن علي) في التعامل مع الدولة"، وهي تجربة وصفها بأنها تقوم على "ثقافة العائلة والغنيمة".
وفي السياق ذاته، تشهد العلاقة بين نواب التيار الديمقراطي ونواب حركة النهضة فتورا بسبب الاتهامات والانتقادات المتبادلة تحت قبة البرلمان.
الدبابي: موقف صعب للفخفاخ
ويرى محللون أن الاتهامات المتبادلة بين مكونات الائتلاف الحاكم، ستؤثّر بشكل آني على تماسك وحدة حكومة الفخفاخ.
وفي هذا السياق، يقول المحلل السياسي، مختار الدبابي، إن "الفخفاخ يحاول الاحتفاظ بتوازن صعب من خلال العمل على إرضاء حركة النهضة بدرجة أولى، والحفاظ على تحالفه مع التيار الديمقراطي كونه الحزب الأقرب إليه سياسيا وفكريا".
ورغم وجود خلافات كبيرة بين التيار والنهضة، فإن الحزبين حافظا، وفقا للدبابي، على "الحد الأدنى من التوافقات فلكل منهما مصلحة حساسة في استمرار الحكومة، وإدارتها بتوافق يقوم على المحاصصة ومراعاة المصالح، الأمر الذي يستفيد منه الفخفاخ لضمان استمرارية حكومته".
ويرى المتحدث ذاته، في تصريح لـ"أصوات مغاربية"، بأن "حركة الشعب لم تعد قادرة على تحمل التحالف الحكومي مع النهضة، إذ قادها هذا التحالف إلى خلافات داخلية، وبدأت الهجمات القوية تخرج إلى العلن متجاوزة كل ضوابط التحالف السياسي مع النهضة لأسماء بارزة مثل النائبين سالم الأبيض وهيكل المكي".
وأشار المحلل السياسي ذاته إلى أن "حركة الشعب تضع ساقا مع الحكومة وساقا أخرى خارجها من خلال مغازلة واستثمار دعوات الاعتصامات بهدف حل البرلمان"
ولا يستبعدمختار الدبابي "انسحاب حركة الشعب من التحالف الحكومي، وهو ما مهدت له بالتصريحات القوية ضد النهضة وخاصة باستهداف رمزية الغنوشي".
ويخلص المحلل السياسي إلى أن "حكومة الفخفاخ ستستمر حتى في حال فقدانها لأضلاعها، إذ تدرك الحركة أن اللجوء إلى حكومة بديلة سيعمق عزلتها ويقوي صف خصومها من خارج التحالف الحكومي".
الأخضر: خلافات عميقة
وفي السياق ذاته، أكد المحلل السياسي، جلال الأخضر، على أن " الخلافات بين الأحزاب المشكلة للحكومة، يعود إلى المفاوضات الماراطونية التي قادها الفخفاخ، وتمحورت حول الصراع على الحقائب الوزارية".
وتابع في تصريح لـ"أصوات مغاربية" قائلا: "الخلافات حول المناصب تعمقت بالصراع الأيديولوجي والسياسي بين النهضة من جهة والتيار الديمقراطي وحركة الشعب من جهة ثانية".
ومن وجهة نظر الأخضر فإن "الصراع الذي يشق الحكومة تعقّد أكثر من خلال الأخطاء الكبرى التي ارتكبها بعض الوزراء في مواجهة تفشي وباء كورونا".
ويخلص المحلل ذاته إلى أن "الانتماء الحزبي لمعظم الوزراء يغلب على التضامن الحكومي".
ويرجح المتحدث ذاته أن "يتم إسقاط حكومة الفخفاخ أو استبدال بعض أعضاءها بالنظر إلى خلافات الأحزاب المشكلة لها وتراكم الأخطاء وصعوبة الوضع الاقتصادي والاجتماعي".
- المصدر: أصوات مغاربية