هل تستفيد تونس من انخفاض أسعار النفط عالميا؟
يسجّل الميزان التجاري في تونس عجزا كبيرا يتأتى معظمه من العجز في الميزان الطاقي، ما عزّز التساؤلات بشأن مدى قدرة السلطات على استثمار تدني أسعار النفط عالميا للحد من هذه المؤشرات الاقتصادية السلبية.
عجز طاقي
في العام الماضي فاق العجز التجاري في تونس حاجز الـ6.5 مليار دولار، ويساهم قطاع الطاقة بنحو 40 بالمئة من هذا الرقم.
وفي فبراير الماضي، أعلن رئيس الحكومة السابق، يوسف الشاهد، عن دخول حقل نوارة للغاز الطبيعي في أقصى الجنوب حيز الاستغلال.
وتُعوّل السلطات التونسية على هذا المشروع الذي تصفه بـ"الأكبر" في البلاد، لخفض العجز الطاقي وتعزيز النمو الاقتصادي.
ومن المنتظر أن تبلغ طاقة إنتاج الحقل 2.7 مليون متر مكعب من الغاز يوميا، أي ما يعادل نصف الإنتاج الوطني من الغاز.
وقال الشاهد على صفحته الرسمية في فيسبوك إن الحقل سيساهم في "تخفيض العجز الطاقي بنسبة 20 بالمئة وتخفيف العجز التجاري بـ7 بالمئة".
ومع الانخفاض المسجّل لأسعار النفط على مستوى العالم، واستقراره في حدود 32 دولارا، دعا نشطاء السلطات إلى الاستفادة من الوضع الراهن لخفض فاتورة الدعم للمحروقات.
فرصة لا تعوّض
في هذا الصدد، قال أستاذ الاقتصاد بالجامعة التونسية، رضا الشكندالي، إن "الدولة التونسية أمام فرصة لا تعوّض لخفض عجزها ميزانها التجاري".
وفسّر الشكندالي موقفه بالقول إن "تفعيل الديبلوماسية الاقتصادية مع الجزائر، سيُتيح لتونس شراء كميات كبيرة من النفط بأسعار منخفضة مع إبقائه هناك وجلبه على دفعات بالنظر إلى القدرات التخزينية العالية للجزائر".
ويخلص الخبير الاقتصادي إلى أن "تونس تخصص نحو 65 مليون دولار لدعم المحروقات، يمكن توجيهها إلى نفقات أخرى على غرار التنمية أو تأهيل مخازن النفط وغيرها".
وكان وزير الطاقة، منجي مرزوق، قد كشف في تدوينة له على فيسبوك أن "سعة الخزن تقارب الثلاثة أشهر من الاستهلاك العادي".
وقدّر الخبير الاقتصادي "ادخار تونس لـ143 دولار لكل انخفاض بدولار واحد في أسعار النفط، إذ قدّرت الميزانية أسعار النفط بنحو 65 دولار، ما يمثل فرصة ذهبية للحد من العجز التجاري".
كما شدد على أهمية إبرام "عقود آجلة مع الدول المصدرة للنفط في ظل التوقعات العالمية بارتفاعه في الأشهر القادمة مع عودة الإنتاج الاقتصادي دوليا بشكل تدريجي".
ضعف التخزين
في المقابل، قال الخبير الاقتصادي وجدي بن رجب بأن تونس لا يمكنها الاستفادة بشكل كبير من انهيار أسعار النفط في السوق العالمية لأسباب متعددة.
وأكد في تصريح لـ"أصوات مغاربية" على أن "مشكلة التخزين هي العائق الأوّل أمام تونس لخفض حدّة العجز الطاقي، وذلك بعد تراجع القدرات التخزينية لشركة ستير والتكاليف الباهضة لإعادة تأهيلها".
وتابع: "في وجود مشكلة تخزين النفط الخام، توجهت تونس نحو توريد النفط المكرر من إيطاليا ما يفسّر العجز التجاري الكبير مع هذا البلد مقارنة مع بقية الشركاء الاقتصاديين في أوروبا".
واعتبر بن رجب أن "مصاعب التخزين لم تعد مقتصرة على تونس، إذ تواجه معظم الدول المشكلة ذاتها مع تراجع الطلب العالمي على المحروقات".
وكان المدير العام للمحروقات بوزارة الطاقة، حازم اليحياوي، قد كشف في تصريحات لوسائل إعلام محلية أنه سيتم قريبا إنجاز مشروع تخزين جديد للمحروقات بهدف الزيادة في طاقة التخزين.
كما أشار الخبير الاقتصادي إلى أن "تونس تعتمد على عقود نفط بأسعار ثابتة مع السعودية والجزائر، وهي استراتيجية تحمي الاقتصاد عند ارتفاع الأسعار على مستوى عالمي لكنها أيضا تسبب خسائر عند تهاوي الأسعار مثلما هو عليه الحال اليوم، وهو أمر يحول دول إبرام عقود آجلة أخرى مع بقية الدول".
- المصدر: أصوات مغاربية