يحذّر محللون سياسيون من أن تواصل المعارك الأيديولوجية والحروب الكلامية بين الأحزاب في تونس، سيقود إلى تعميق الفجوة بين الطبقة السياسية وباقي مكونات الشعب التونسي.
وتشهد العلاقات بين القوى السياسية احتقانا كبيرا، إذ يعيش البرلمان على وقع خلافات متصاعدة بين كتله، ما عطّل سير عمله في كثير من المحطات.
وفي آخر التطورات، خاضت كتلة الحزب الدستوري الحر اعتصاما داخل البرلمان للمطالبة بمساءلة رئيسه، راشد الغنوشي، حول اتصالاته الخارجية.
كما دعت أربع كتل برلمانية وهي: "تحيا تونس" و"المستقبل" و"قلب تونس" و"الإصلاح"، في بيان مشترك، رئاسة المجلس إلى "احترام الأعراف الدبلوماسية وتجنب التداخل في الصلاحيات مع باقي السلط، وعدم الزج بالمجلس في سياسة المحاور".
ويتهم الحزب الدستوري حركة النهضة بـ"دعم الإرهاب والتورط في شبكات التسفير إلى بؤر التوتر"، بينما تعتبر النهضة وائتلاف الكرامة أن الحزب الدستوري "يمجد سياسات الاستبداد".
ولا تنتهي الخلافات عند حدود أقطاب الحكم والمعارضة، إذ يتبادل أعضاء في نفس الائتلاف الحكومي الاتهامات، ما يطرح تساؤلات كبرى حول مدى قدرة الحكومة على المحافظة على تماسكها في الفترة القادمة.
الدبابي: ضريبة المعارك
وتعليقا على هذه التطورات، يرى المحلل السياسي مختار الدبابي أن "الخلافات في البرلمان بين الكتل، والخطاب المتدني للنواب، وكذلك حالة التشنج التي تسيطر على المداخلات، وسعت الهوة بين السياسيين والشارع التونسي، وهو ما كشفته استطلاعات الرأي، والنقاشات على مواقع التواصل الاجتماعي".
وأشار الدبابي، في تصريح لـ"أصوات مغاربية"، إلى أن "فئات تونسية واسعة باتت على يقين أن الطبقة السياسية الحالية عاجزة عن خدمتهم وتقديم بدائل يمكن أن تساعد في تحسين الوضع الاجتماعي والاقتصادي في البلاد، خاصة بعد أن لجأت الحكومة في أزمة كورونا إلى الاقتطاع من الرواتب وفتح باب التبرعات أمام التونسيين لجمع تكاليف المعركة مع الوباء".
وأوضح الدبابي بأن "انعدام الثقة في الطبقة السياسية التقليدية دفع الشباب في أول فرصة أتيحت له لاختيار شخص من خارج المنظومة الحالية، بانتخاب قيس سعيد كرئيس للبلاد".
وخلص إلى "وجود بوادر صدمة كبيرة تجتاح الشارع لأن وعود الرئيس لم يتحقق منها شيء لأسباب عدة بينها محدودية صلاحيات الرئيس، فضلا عن تواصل معارك النفوذ بين أقطاب الحكم".
الأخضر: تعميق الفجوة
من جهته، قال المحلل السياسي، جلال الأخضر، إن " تأجيج الصراعات الحزبية سيعمّق الفجوة الكبيرة بين النخبة السياسية وبقية مكونات الشعب".
ولفت إلى أن "إحياء المعارك حول الهوية التي حسمها دستور 2014 بالتأكيد على مدنية الدولة وهوية الشعب العربية الإسلامية، لن يفيد سوى الأطراف الشعبوية التي سترتفع أسهمها في قادم المحطات الانتخابية".
وتابع الأخضر في تصريح لـ"أصوات مغاربية" قائلا إن "الشعب التونسي ينتظر إجراء إصلاحات اقتصادية عاجلة من شأنها الحد من قضايا البطالة والفقر والتهميش، بعيدا عن الصراعات الهوياتية التي لم تغير شيئا في الوقاع اليومي للمواطنين".
وستقود هذه المعارك الطاحنة بين القوى السياسية، وفقا للمحلل السياسي إلى "تعميق ظاهرة عزوف الشباب عن الانتخابات والمشاركة في الحياة العامة".
وخلص المتحدث ذاته إلى أن "الأحزاب السياسية لم تستخلص الدروس من انتخابات 2019، عندما عاقب الناخبون معظمها بانتخاب شخصيات من خارج الطبقة السياسية التقليدية من بينها قيس سعيد في منصب رئيس الجمهورية".
- المصدر: أصوات مغاربية