تلقى المرصد الوطني لمناهضة العنف ضد المرأة في تونس، في الأشهر الـ 10 الأولى من هذا العام، 6284 اتصالا حول حالات عنف ضد النساء.
واستأثر العنف الزوجي بنسبة 75 من إجمالي حالات العنف التي رُصدت عبر الرقم الأخضر الذي وضعته وزارة المرأة لتلقي الشكاوى.
وقالت الوزارة، في بلاغ لها، إنها تتلقى سنويا نحو 15 ألف تبليغ عن حالات عنف ضد النساء.
وأوضحت أن استئثار العنف الزوجي بثلاثة أرباع حالات العنف ضد المرأة يكشف أن "الأسرة التونسية تعاني من مشاكل على المستوى العلائقي، مما يؤثر بصفة مباشرة على الحقوق الأساسية للنساء وعلى الصحة النفسية وتوازن الأطفال".
وتعرضت 82 بالمئة من المبلّغات لعنف معنوي، بينما واجهت 66 بالمئة عنفا جسديا، كما تم تسجيل تعرض 39 بالمئة من بينهن إلى عنف اقتصادي.
كما اشتكت 10 بالمئة من المبلغات عن تعرضهن لعنف جنسي، وهو رقم قالت الوزارة إنه "لا يعكس الواقع لأن النساء لا يتجرأن على التبليغ عن هذا النوع من العنف لأسباب ثقافية أو لاستبطانه نتيجة سيطرة الثقافة الذكورية التي تسمح بسلطة الزوج على جسد زوجته".
وتطرح هذه الأرقام تساؤلات حول أسباب تنامي ظاهرة العنف رغم تبنى تونس منذ العام 2017 لقانون يهدف للقضاء على العنف ضد المرأة.
وإلى جانب الخطايا المالية، يتضمن القانون عقوبات رادعة وقد تصل الأحكام في بعض القضايا إلى السجن المؤبد.
"سوء تطبيق القانون"
ويرجع نشطاء حقوقيون ارتفاع حالات العنف ضد النساء إلى سوء تطبيق البنود هذا القانون الذي أشيد به على نطاق واسع في تلك الفترة.
وفي هذا السياق، تقول الناشطة الحقوقية، فتحية جوابرية، إن "وحدات الأمن المكلفة بمكافحة جرائم العنف ضد المرأة تعمل في ظل نقص كبير في الإمكانيات البشرية والمادية واللوجستية التي تسمح لها بتطبيق القانون".
وترى جوابرية، وهي أيضا منسقة لمشروع "كيفي كيفك" الذي يهدف إلى محاربة التمييز على أساس النوع الاجتماعي، أن "عدم توفير جميع الإمكانيات المادية لهذه الوحدات الأمنية سيُبقي على هذا القانون مجرد حبر على ورق".
وكانت وزارة الداخلية قد شكلت بمقتضى هذا القانون أكثر من 130 فرقة مختصة في البحث عن جرائم العنف المسلط ضد المرأة.
كما فسّرت المتحدثة ذاتها ارتفاع نسب العنف الزوجي بأن "المرأة باعتبارها الحلقة الأضعف تحملت ضريبة الحجر الصحي الذي عاشته البلاد توقيا من وباء كورونا، وهو إجراء فاقم الضغوط النفسية والاقتصادية على العائلات، ما ساهم في رفع منسوب العنف".
معالجة شاملة لظاهرة العنف
في المقابل، يرى باحثون في علم الاجتماع أن معالجة ظاهرة تعنيف النساء يجب أن تتم في إطار مقاربة أشمل لظاهرة العنف ككل.
وفي هذا السياق، يعتقد الباحث في علم الاجتماع، سامي بن نصر، أن "التصدي لظاهرة العنف ضد النساء لا يمكن أن يتم بمعزل عن ردع ظاهرة العنف المتفشي بجميع أشكاله".
وفسر بن نصر موقفه بالقول، في تصريح لـ"أصوات مغاربية"، إنه "كان على السلطات التفكير في تهيئة مجتمع رافض للعنف وخلق مزاج مناهض لهذه الظاهرة قبل تبني قوانين لتجريم أي سلوك".
ودعا المتحدث ذاته إلى "سن استراتيجية وطنية لمناهضة العنف في إطار مؤتمر وطني يضم كافة الأطراف المتدخلة، قائلا إن "التصدي للعنف لا يمكن أن يتم في إطار معالجة فئوية أو قطاعية بل يجب أن تتم في إطار مقاربة شاملة".
المصدر: أصوات مغاربية