تعتزم مبادرة "مواطنون ضد الانقلاب" التصعيد في تحركاتها الاحتجاجية ضد المسار السياسي الذي بدأه الرئيس التونسي قيس سعيّد منذ الـ25 من شهر يوليو الماضي عندما أعلن عدة تدابير استثنائية واستحوذ على مفاصل السلطة.
وقالت المبادرة إن مجموعة من الشخصيات الفاعلة في البلاد ستنفذ إضرابا عن الطعام في إطار مساعيها لمقاومة ما تصفه بـ"الانقلاب".
ويرى محللون سياسيون أن المبادرة تحولت في ظرف أسابيع قليلة إلى "الصوت الأعلى" في مواجهة سياسات سعيد، ونجحت في تحييد الأحزاب الفاعلة من المشهد السياسي.
تحركات في الأفق
كشف القيادي بالمبادرة جوهر بن مبارك، وهو أستاذ للقانون الدستوري، إن "مجموعة من الشخصيات الوطنية والنواب قرروا الدخول في إضراب جوع احتجاجي سيتم الإعلان عن تاريخه ومكانه فور انطلاقه".
وأضاف بن مبارك في نقطة إعلامية بثتها المبادرة على صفحتها بشبكة فيسبوك "يتم إعداد تقرير حقوقي يوثق بالصوت والصورة الانتهاكات اللذين تعرض لها المعتصمون يوم 17 و18 ديسمبر الجاري، خاصة التدخل الوحشي للأمن يوم السبت لفض الاعتصام".
وأكد "بدأنا بإرسال هذا التقرير إلى المنظمات الحقوقية الوطنية والدولية مع اتخاذ الإجراءات القانونية بما في ذلك رفع دعاوى قضائية ضد كل من شارك في هذه الانتهاكات".
والسبت الماضي، علّقت المبادرة اعتصاما كانت تخوضه بشارع الحبيب بورقيبة، وسط العاصمة، عقب مناوشات مع قوات الأمن التي منعت المتظاهرين من نصب خيام بهذا الشارع الرمز.
وفتحت وزارة الداخلية تحقيقا في ما وصفته بـ"الاعتداء" الذي طال عناصر أمن من قبل المحتجين، بينما أكدت المبادرة أنه تم "انتهاك حقوق أنصارها".
وتقود المبادرة منذ أسابيع تحركات احتجاجية ضد إجراءات قيس سعيّد، داعية إلى "العودة إلى المسار الدستوري".
ولم يرد تعقيب رسمي على هذه الرواية غير أن الرئيس سعيّد كان قد أكد مرارا على احترامه للحقوق والحريات التي تضمنها الدستور.
وتضم مبادرة مواطنون ضد الانقلاب شخصيات من تيارات فكرية وسياسية مختلفة من بينهم جوهر بن مبارك والناشطة الحقوقية شيماء عيسى.
"افتكاك مكانة الأحزاب"
ويرى محللون أن المبادرة نجحت في سحب البساط من تحت أقدام الأحزاب السياسية، خاصة مع نجاح التحركات الاحتجاجية التي دعت لها.
وفي هذا السياق، يقول المحلل السياسي جلال الأخضر في تصريح لـ"أصوات مغاربية" إن مبادرة "مواطنون ضد الانقلاب" قلبت المعادلة واستحوذت على المشهد السياسي والإعلامي، مؤكدا أنها "تحولت إلى بديل أوحد لما يطرحه الرئيس خاصة بعد أن فشلت جميع الأحزاب السياسية في تعبئة الشارع".
وأضاف الأخضر أن "تمسك المبادرة بكل سرديات الثورة وظهور قيادييها كمدافعين شرسين عن القيم الدستورية، حولها إلى الجهة السياسية الوحيدة التي تتنبى مشروعا بديلا عن سياسات الرئيس سعيد".
وأوضح المتحدث نفسه أن "المبادرة ستشهد التحاق شخصيات وطنية أخرى بعد نجاحها في تنظيم تحركات احتجاجية جماهيرية على عكس بعض القوى السياسية الأخرى التي تحمل أفكارا راديكالية تهدف إلى استعمال القوة لضرب الخصوم".
نقاط قوة المبادرة
ويشير محللون سياسيون إلى عدة نقاط قوة مكنت المبادرة من افتكاك الشارع من أحزاب سياسية وازنة.
وفي هذا الإطار، يشير المحلل السياسي بولبابة سالم إلى أن "من أبرز نقاط قوة هذه المبادرة هو تنظيمها الأفقي على عكس التنظيمات الحزبية مع وجود شخصيات معروفة باستقلاليتها وانحيازها للديمقراطية".
وأوضح في تصريح لـ"أصوات مغاربية" أن "هذه المبادرة نجحت في ضم مختلف المعارضات التونسية لتتحول إلى الرقم الأصعب في الشارع في ظل وجود نشطاء من مرجعيات فكرية مختلفة جمعهم الانحياز للمسار الديمقراطي".
كما أرجع نجاح المبادرة في فرض نفسها في الشارع إلى "وجود مدونين مؤثرين داخلها وثقوا الأنشطة والتحركات على منصات التواصل الاجتماعي".
وتابع سالم أن "المبادرة قفزت على بيروقراطية الأحزاب وتحولت إلى مصدر إزعاج حقيقي للسلطة على عكس بعض القوى السياسية التي ضعف تأثيرها على الشارع لعدة أسباب من بينها زعامتية قياداتها".
المصدر: أصوات مغاربية