تونس

محاكمة المرزوقي تثير انقسامات حادة في تونس

23 ديسمبر 2021

يسيطر الحكم القضائي الغيابي بسجن الرئيس التونسي الأسبق محمد المنصف المرزوقي على اهتمامات النخب السياسية في البلاد، وسط انقسامات حادة بشأن توصيف هذا القرار القضائي.

وتتهم المعارضة الرئيس قيس سعيد بـ"توظيف المؤسسة القضائية لضرب خصومه السياسيين وإسكات الأصوات المنتقدة"، فيما يفنّد المؤيدون لإجراءات 25 يوليو هذه الاتهامات، مشيرين إلى أن "المحاكم تعمل في إطار الاستقلالية".

حكم غيابي  

قضت محكمة تونسية، الأربعاء، بسجن الرئيس الأسبق محمد المنصف المرزوقي لمدة 4 سنوات في قضية "الاعتداء على أمن الدولة الخارجي"، وفق ما نقلته وكالة الأنباء الرسمية عن بلاغ لمكتب الاتصال بالمحكمة الابتدائية.

ويُحاكم المرزوقي كذلك بتهمة "ربط اتصالات مع دولة أجنبية الغرض منها، أو كانت نتائجها، الإضرار بالبلاد التونسية من الناحية الدبلوماسية".

وكان القضاء التونسي قد فتح في أكتوبر الماضي تحقيقا على إثر تصريحات للرئيس الأسبق أقر فيها بسعيه لدى الفرنسيين لإفشال عقد القمة الفرنكوفونية في تونس، معبرا عن فخره بذلك.

ورد الرئيس سعيد على تلك التصريحات بسحب جواز السفر الدبلوماسي للمرزوقي، قائلا إنه "سيتم سحب جواز السفر الدبلوماسي من كل من ذهب إلى الخارج يستجديه لضرب المصالح التونسية".

كما أصدر قاضي التحقيق بالمحكمة الابتدائية في نوفمبر الماضي بطاقة جلب دولية في حق المرزوقي على خلفية القضية نفسها.

وفي تعليقه على هذا الحكم القضائي، دوّن المرزوقي على صفحته بشبكة فيسبوك قائلا "حوكمت أكثر من مرة في عهد بورقيبة وحوكمت أكثر من مرة في عهد بن علي والآن يصدر ضدي حكم في عهد قيس سعيد".

وأضاف "رحل بورقيبة وبن علي وانتصرت القضايا التي حوكمت من أجلها وبنفس الكيفية سيرحل هذا الديكتاتور المتربص".

عويدات: انتهاء مسألة الإفلات من العقاب

ويُفند الداعمون لإجراءات الرئيس الاستثنائية، التي جمد بمقتضاها البرلمان وأطاح بحكومة المشيشي، الاتهامات الموجهة لسعيد وتتعلق بـ"إخضاع القضاء".

وفي هذا السياق، اعتبر القيادي بحركة الشعب أسامة عويدات أن "محاكمة المرزوقي مؤشر على بداية انتهاء قضية الإفلات من العقاب"، متسائلا "كيف يعقل لشخصية تونسية أن تحرض على بلادها في الخارج".

وأضاف عويدات "يجب أن يحاسب كل من أخطأ أمام القضاء مهما كان اسمه"، قائلا إن "الرئيس لا يملك أي نفوذ على المحاكم وبالتالي فلا دخل للسياسة بقضية المرزوقي".

وأدرج المتحدث ذاته، في تصريح لـ"أصوات مغاربية"، الرسائل المتكررة التي وجهها سعيد إلى القضاء، في سياق رغبته بـ"البت في الملفات الكبرى المتعلقة بالإرهاب والتسفير إلى بؤر التوتر والتهرب الضريبي وغيرها".

الشواشي: محاكمة سياسية

في المقابل، وصف الأمين العام لحزب التيار الديمقراطي، غازي الشواشي، قضية المرزوقي بـ"المحاكمة السياسية" باعتبار أن "منطلقها كان تعبير الرئيس السابق عن رأيه في تصريح إعلامي".

وأوضح في تصريح لـ"أصوات مغاربية" أن "هذه المحاكمة تعطي صورة سيئة للغاية للقضاء التونسي في الخارج وسيكون لها تأثير على عدة ملفات من بينها الأموال المهربة بالخارج".

وأشار إلى أن "الرئيس أراد من خلال محاكمة المرزوقي توجيه رسائل  لخصومه السياسيين بأنه يمتلك سيف القضاء لتسليطه ضدهم".

وفي الأسابيع الأخيرة، وجه الرئيس التونسي انتقادات حادة لبعض القضاة دون أن يسمهم، داعيا المؤسسة القضائية إلى المشاركة في محاربة ظاهرة الفساد. 

 

المصدر: أصوات مغاربية
 

مواضيع ذات صلة

جانب من المناظرة التلفزيونية بالدور الثاني للانتخابات الرئاسية التونسية للعام 2019

دعا المرشح الرئاسي زهير المغزاوي منافسه في الانتخابات المقبلة الرئيس قيس سعيد إلى إجراء مناظرة تلفزيونية.

وقال المغزاوي في مقطع فيديو نُشر على صفحته "أدعوه (قيس سعيد) أمام كل التونسيين والتونسيات إلى المناظرة، لأن الانتخابات برامج وتصورات وحصيلة وليست شعارات رنانة".

وكانت هيئة الانتخابات قد قبلت ملفات 3 مرشحين هم الرئيس قيس سعيد والأمين العام لحركة الشعب (قومية) ورجل الأعمال العياشي الزمال (حركة عازمون).

وتنطلق الحملة الانتخابية للمترشحين للانتخابات الرئاسية في تونس في 14 سبتمبر الجاري وتنتهي يوم 4 أكتوبر  2024 في حدود منتصف الليل، في حين تنطلق هذه الحملة خارج تونس في 12 سبتمبر، وفق الرزنامة التي ضبطتها الهيئة العليا للانتخابات.

تجربة المناظرة التلفزيونية

في تجربة فريدة من نوعها بالعالم العربي، تابع التونسيون عشية الانتخابات الرئاسية عام 2019 مناظرة تلفزيونية حظيت بمتابعة  واسعة.

وشارك في المناظرة التلفزيونية الأولى قبل إجراء الدور الأول نحو 24 مرشحا رئاسيا تم تقسيمهم إلى 3 مجموعات.

واستغرقت كل مناظرة ساعتين ونصف، وبثت الأولى مباشرة على 11 قناة تلفزيونية، بما في ذلك قناتان عامتان وعشرون إذاعة.

وأشرف التلفزيون الحكومي على إدارة تلك المناظرة بمشاركة هيئة الانتخابات والهيئة العليا للاتصال السمعي البصري.

وفي الدور الثاني، تواجه المرشحان الرئاسيان اللذان نجحا في الوصول إلى الدور الثاني أستاذ القانون الدستوري قيس سعيد ورجل الأعمال نبيل القروي في مناظرة أخرى دامت نحو ساعتين، أجاب خلالها المرشحان على العديد من القضايا والأسئلة المتعلقة بالشؤون الاقتصادية والاجتماعية والسياسات العامة.

ومع اقتراب الانتخابات الرئاسية الجديدة، تصاعدت أصوات لإعادة تجربة المناظرة التلفزيونية وتكريسها كـ"تقليد ديمقراطي".

وفي هذا السياق، كتب الإعلامي محمد اليوسفي في تدوينة له، "باستثناء المناظرة، لا يوجد طريق حضاري لإيقاف نزيف التشويه والتشويه المضاد".

ودون أن المناظرة "تسمح للمرشحين بالوقوف أمام جميع التونسيين لتقديم البرامج والرد على انتقادات المنافسين"، معتبرا أن "المناظرات مكسب تاريخي تحقق في الانتخابات الفارطة يجب المحافظة عليه  وأي انقلاب على هذا  المكسب هو مس من جوهر العملية الديمقراطية".

هل تعاد التجربة؟

إجابة على هذا السؤال، يستبعد المحلل السياسي صلاح الجورشي في تصريح لـ"أصوات مغاربية" قبول الرئيس سعيد لمطلب المشاركة في مناظرة تلفزيونية وذلك بسبب "طبيعة الرئيس الذي دأب على رفض إجراء محاورات ضمن سياق يكون فيه أكثر من متدخل".

وفسّر الجورشي مشاركة سعيد في المناظرة التلفزيونية عام 2019 بأنه "لم يكن يمتلك حينها سلطة كافية لرفض الانخراط في هذ التقليد الجديد الذي فرضته الثورة ومتغيرات ما بعد 2011".

من جهته، يشير المحلل السياسي الجمعي القاسمي إلى "وجود أمل في أن تُجرى هذه المناظرة التلفزيونية رغم غياب أي مؤشر يدل على إمكانية إعادة التجربة التي بدأت عام 2019".

ويؤكد القاسمي أن "الناخب التونسي يأمل في تكريس تقليد المناظرة التلفزيونية للاطلاع على البرامج الانتخابية على المستويات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية وتسهيل عملية المقارنة والاختيار".

 

المصدر: أصوات مغاربية