محاكمة المرزوقي تثير انقسامات حادة في تونس
يسيطر الحكم القضائي الغيابي بسجن الرئيس التونسي الأسبق محمد المنصف المرزوقي على اهتمامات النخب السياسية في البلاد، وسط انقسامات حادة بشأن توصيف هذا القرار القضائي.
وتتهم المعارضة الرئيس قيس سعيد بـ"توظيف المؤسسة القضائية لضرب خصومه السياسيين وإسكات الأصوات المنتقدة"، فيما يفنّد المؤيدون لإجراءات 25 يوليو هذه الاتهامات، مشيرين إلى أن "المحاكم تعمل في إطار الاستقلالية".
حكم غيابي
قضت محكمة تونسية، الأربعاء، بسجن الرئيس الأسبق محمد المنصف المرزوقي لمدة 4 سنوات في قضية "الاعتداء على أمن الدولة الخارجي"، وفق ما نقلته وكالة الأنباء الرسمية عن بلاغ لمكتب الاتصال بالمحكمة الابتدائية.
ويُحاكم المرزوقي كذلك بتهمة "ربط اتصالات مع دولة أجنبية الغرض منها، أو كانت نتائجها، الإضرار بالبلاد التونسية من الناحية الدبلوماسية".
وكان القضاء التونسي قد فتح في أكتوبر الماضي تحقيقا على إثر تصريحات للرئيس الأسبق أقر فيها بسعيه لدى الفرنسيين لإفشال عقد القمة الفرنكوفونية في تونس، معبرا عن فخره بذلك.
ورد الرئيس سعيد على تلك التصريحات بسحب جواز السفر الدبلوماسي للمرزوقي، قائلا إنه "سيتم سحب جواز السفر الدبلوماسي من كل من ذهب إلى الخارج يستجديه لضرب المصالح التونسية".
كما أصدر قاضي التحقيق بالمحكمة الابتدائية في نوفمبر الماضي بطاقة جلب دولية في حق المرزوقي على خلفية القضية نفسها.
وفي تعليقه على هذا الحكم القضائي، دوّن المرزوقي على صفحته بشبكة فيسبوك قائلا "حوكمت أكثر من مرة في عهد بورقيبة وحوكمت أكثر من مرة في عهد بن علي والآن يصدر ضدي حكم في عهد قيس سعيد".
وأضاف "رحل بورقيبة وبن علي وانتصرت القضايا التي حوكمت من أجلها وبنفس الكيفية سيرحل هذا الديكتاتور المتربص".
عويدات: انتهاء مسألة الإفلات من العقاب
ويُفند الداعمون لإجراءات الرئيس الاستثنائية، التي جمد بمقتضاها البرلمان وأطاح بحكومة المشيشي، الاتهامات الموجهة لسعيد وتتعلق بـ"إخضاع القضاء".
وفي هذا السياق، اعتبر القيادي بحركة الشعب أسامة عويدات أن "محاكمة المرزوقي مؤشر على بداية انتهاء قضية الإفلات من العقاب"، متسائلا "كيف يعقل لشخصية تونسية أن تحرض على بلادها في الخارج".
وأضاف عويدات "يجب أن يحاسب كل من أخطأ أمام القضاء مهما كان اسمه"، قائلا إن "الرئيس لا يملك أي نفوذ على المحاكم وبالتالي فلا دخل للسياسة بقضية المرزوقي".
وأدرج المتحدث ذاته، في تصريح لـ"أصوات مغاربية"، الرسائل المتكررة التي وجهها سعيد إلى القضاء، في سياق رغبته بـ"البت في الملفات الكبرى المتعلقة بالإرهاب والتسفير إلى بؤر التوتر والتهرب الضريبي وغيرها".
الشواشي: محاكمة سياسية
في المقابل، وصف الأمين العام لحزب التيار الديمقراطي، غازي الشواشي، قضية المرزوقي بـ"المحاكمة السياسية" باعتبار أن "منطلقها كان تعبير الرئيس السابق عن رأيه في تصريح إعلامي".
وأوضح في تصريح لـ"أصوات مغاربية" أن "هذه المحاكمة تعطي صورة سيئة للغاية للقضاء التونسي في الخارج وسيكون لها تأثير على عدة ملفات من بينها الأموال المهربة بالخارج".
وأشار إلى أن "الرئيس أراد من خلال محاكمة المرزوقي توجيه رسائل لخصومه السياسيين بأنه يمتلك سيف القضاء لتسليطه ضدهم".
وفي الأسابيع الأخيرة، وجه الرئيس التونسي انتقادات حادة لبعض القضاة دون أن يسمهم، داعيا المؤسسة القضائية إلى المشاركة في محاربة ظاهرة الفساد.
المصدر: أصوات مغاربية