عبّر المجلس الأعلى للقضاء، وهو أعلى هيئة تشرف على هذا القطاع في تونس، عن رفضه لعمليات إصلاحه عبر المراسيم الرئاسية، وذلك في رد غير مباشر على الانتقادات المتتالية التي وجهها الرئيس سعيد إلى أداء المنظومة القضائية.
ويتوقع محللون اندلاع "صراع مرير" بين "مؤسسة القضاء بمختلف هيئاتها ومنظماتها" وبين مؤسسة الرئاسة التي تواجه اتهامات بـ"السعي إلى السيطرة على هذه السلطة".
ردا على الحملات التي استهدفت القضاء ومؤسساته، المجلس الاعلى للقضاء يؤكد رفضه مراجعة المنظومة القضائية واصلاحها في ظل الاوضاع الاستثنائية وينبه الى خطورة تشويه القضاة و الضغط عليهم ويدعوهم الى التمسك باستقلاليتهم مشيرا الى مراعاة احكام الدستور والقانون في ممارسة صلاحياته. pic.twitter.com/YPsJxfxEcr
— القاضي احمد الرحموني (@AhdRahmouni) January 5, 2022
المجلس يحذر والرئيس: قضاة الدولة لا دولة القضاة
عبر المجلس الأعلى للقضاء، وهو أعلى هيئة تشرف على قطاع القضاء في البلاد، الأربعاء، عن رفضه لإصلاح المنظومة القضائية بواسطة المراسيم في إطار التدابير الاستثنائية.
كما نبه، في بلاغ له الأربعاء، إلى ما وصفه بـ"خطورة تواصل عمليات التشويه والضغط التي تطال القضاة"، محذرا من "تبعات زعزعة الثقة في القضاء".
ودعا المجلس الأعلى القضاة إلى "مواصلة التمسك باستقلاليتهم وتحمل مسؤولياتهم في محاربة الفساد والإرهاب والبت في النزاعات في آجال معقولة".
ولم يتأخر رد الرئيس سعيد، إذ قال أثناء إشرافه على اجتماع مجلس الوزراء، الخميس، إنه "لا وجود لدولة القضاة، فهُم قضاة الدولة".
وفي سياق انتقاداته الحادة للمنظومة القضائية، اعتبر سعيد على هامش استقباله لعميد المحامين، الأربعاء، أنه " تم تمرير قواعد في قانون المجلس الأعلى للقضاء بهدف خدمة جهة معينة".
وأضاف "تم انتخاب أعضاء المجلس الأعلى للقضاء لا على مقاييس موضوعية بل على مقاييس ذاتية وعلى مصالح مادية وتحالفات سياسية".
وتابع أن "بعض من تولوا الوظائف العليا في المحاكم يعتبرون امتدادا لقوى سياسية وعصابات إجرامية"، مشيرا إلى أن "القضية ليست مع القضاة الشرفاء بل مع من أجرموا في حق الشعب ومقدراته".
ويضم المجلس 45 عضوا يمثلون القضاء العدلي والإداري والمالي بواقع 15 عضوا لكل قطاع، وهو مؤسسة دستورية "ضامنة في نطاق صلاحياتها حسن سير القضاء واستقلالية السلطة القضائية" ويتمتع باستقلال مالي وإداري.
الأخضر: سعيد يستهدف القضاة
وفي تعليقه على هذه المواقف المتباينة، يرى المحلل السياسي جلال الأخضر أن "الرئيس سعيد يواصل استهدافه للقضاة بتحميلهم مسؤولية التأخر في حسم بعض القضايا، مسلطا ضغوطات رهيبة بغاية السيطرة على هذه المؤسسة بعد وضع يده على السلطتين التنفيذية والتشريعية".
وأشار الأخضر، في تصريح لـ"أصوات مغاربية"، إلى أن "ضغوط الرئيس وصلت إلى حد تصنيفه القضاء كمجرد إدارة ونزع صفة السلطة عن هذا الجهاز فضلا عن توجيه الاتهامات بالتواطؤ والنهب والتخاذل".
ورجح المحلل السياسي "اندلاع صراع مرير بين المؤسستين خاصة أن المجلس الأعلى للقضاء مسنودا بالمنظمات والنقابات الممثلة للقضاة سيتصدى لمحاولات السيطرة على هذه السلطة".
واعتبر أن "المجلس الأعلى للقضاء لم يعد له خيار سوى الدفاع عن النفس بعد أن وضعه الرئيس في مواجهة الرأي العام وسط اتهامات متعددة للقضاة".
عويدات: تصريحات الرئيس صائبة
في المقابل، أشار القيادي بحركة الشعب، أسامة عويدات، إلى أن "حل المجلس الأعلى للقضاء لا يعد مشكلة"، مشيرا إلى أن "تصريحات الرئيس حول المؤسسة القضائية صائبة في ظل السعي إلى تأسيس قضاء ناجز يفتح الملفات الكبرى".
ومن بين القضايا التي طالب عويدات، في تصريح لـ"أصوات مغاربية"، بفتحها "الإرهاب والتسفير إلى بؤر التوتر والاغتيالات السياسية وتبييض الأموال وهي ملفات لم ينجز القضاء فيها أي شيء"، على حد تعبيره.
وربط القيادي بحركة الشعب "تأسيس دولة سليمة في مرحلة ما بعد 25 يوليو بفتح القضاء الملفات الكبرى التي مست بالأمن القومي واقتصاد البلاد".
ومن وجهة نظر المتحدث ذاته فإن "المجلس الأعلى للقضاء أصبح عقبة تَحُول دون تحقيق المنظومة القضائية لإنجازات ما يستدعي البحث عن حلول".
المصدر: أصوات مغاربية