أعلنت وزارة الداخلية التونسية، السبت، عن عدة إجراءات لتأمين عملية التدقيق في الوظائف بالقطاع العام ومؤسسات الدولة منذ 2011 إلى غاية إعلان الرئيس قيس سعيد التدابير الاستثنائية في البلاد في 25 يوليو 2021.
والأسبوع الفائت، طالب الرئيس سعيد في اجتماع مع مسؤولين بارزين بإجراء "تدقيق شامل على مستوى الوزارات ثم الحكومة"، متحدثا عن "إهدار للمال العام وفوضى داخل الإدارة وانتدابات لا بناء على قواعد قانونية واضحة بل بناء على انتماء لهذا الحزب أو ذاك أو ارتماء في أحضان اللوبيات".
أمر رئاسي جديد
أصدرت رئاسة الجمهورية، الخميس، أمرا رئاسيا بالرائد الرسمي (الجريدة الرسمية) لإجراء تدقيق شامل في الانتدابات والإدماج في الوظيفة العمومية والهيئات والمنشآت والمؤسسات العمومية والشركات ذات المساهمة العمومية وسائر الهياكل العمومية الأخرى وذلك من 14 يناير 2011 إلى 25 يوليو 2021.
وينص الأمر على إحداث لجنة قيادة لعمليات التدقيق توضع تحت إشراف رئاسة الحكومة تضم ممثلين عن هيئات الرقابة الإدارية والمالية وقضاة من القضاء العدلي والإداري والمالي، ويمكن لرئيس اللّجنة أن يستدعي كل شخص يرى فائدة في حضوره.
وتنهي لجان التدقيق أشغالها في أجل شهرين من تاريخ مباشرتها لمهامها برفع التقارير المنجزة إلى لجنة القيادة. ويرفع رئيس لجنة القيادة، في أجل شهر واحد من تلقّيه تقارير لجان التدقيق، تقريرا ختاميا في أعمالها إلى الرئاسة.
وتسحب الإدارات والهياكل المعنية قرارات الإدماج أو الانتداب التي لم تحترم الشروط والإجراءات المحددة التي ثبت اتخاذها بناء على شهائد علمية مزورة.
إجراءات الداخلية
وعقب صدور هذا الأمر الرئاسي، طالب وزير الداخلية كمال الفقي في برقية تم تعميمها على هياكل الوزارة بتأمين الأرشيف الخاص بالموظفين المعنيّين وتعيين إطار مُكلف بحفظه وإعداد قائمات إسمية في الأعوان المشمُولين بهذا الإجراء.
ودعا إلى إعداد ملفات الأعوان وتأمينها تحت مسؤولية رُؤساء الهياكل والإدارات المعنية استعدادا لإحالتها إلى لجان التدقيق المُحدثة.
وسيشمل التدقيق بالداخلية الإنتدابات وعمليات الإدماج بالوزارة والمجالس الجهوية والبلديات والمُؤسسات والمُنشآت العمُومية الخاضعة لإشرافها.
وتعليقا على هذه الإجراءات، فسّر المحلل السياسي باسل الترجمان مبادرة وزارة الداخلية بـ"تضاعف أعداد الموظفين في العقد الذي عقب سقوط نظام الرئيس الأسبق زين العابدين بن علي".
وتوقع الترجمان في تصريح لـ"أصوات مغاربية" أن "تُحدث عمليات التدقيق العديد من المفاجآت خاصة مع بدء التسريبات عن عمليات تلاعب بملفات وتدليس شهادات".
ومن وجهة نظر المتحدث ذاته فإن "عملية التدقيق لا تعد تصفية حسابات سياسية بقدر ما هي توجه نحو تطبيق القانون خاصة مع استغلال بعض الأطراف وجودها في الحكم للقيام بممارسات محظورة وفق التشريعات الوطنية".
تقديرات الخبراء
لا توجد أرقام رسمية حول عدد الشهائد المزورة والوظائف التي تم الحصول عليها بمقتضاها،غير أن الخبير الاقتصادي عز الدين سعيدان قدّر عددها في تصريح إذاعي سابق بعشرات الآلاف.
وقال سعيدان في تصريح لراديو "شمس أف أم": "الأرقام التي اطلعت عليها تشير إلى 120 ألف شخص اعتمدوا شهائد مزيفة، يكلفون ميزانية الدولة نحو مليار دولار سنويا"، موضحا أن "من بينهم من يعمل في قطاع التدريس والهندسة والصحة".
وتواجه تونس تضخما في كتلة أجور الموظفين بالقطاع العام، وهي من المطالب التي دعا صندوق النقد الدولي إلى النظر فيها قبل المصادقة على صرف قرض جديد بقيمة 1.9 مليار دولار.
ودعا سعيدان إلى "التثبت من الشهادات المزورة وإخراج أصحابها من الإدارة ثم محاسبتهم ومحاسبة من أدخلهم إلى الوظيفة العمومية".
ويتقارب هذا الرقم مع ما جاء في تصريحات سابقة أدلى بها رئيس الجمعية التونسية لمكافحة الفساد إبراهيم الميساوي لـ"أصوات مغاربية" قدّر فيها "عدد الشهائد العلمية المدلسة بنحو 100 ألف من إجمالي قرابة الـ500 ألف وظيفة حكومية جديدة بعد الثورة".
ولفت الميساوي إلى أن "هذه الشبهات تشمل العديد من المؤسسات كوزارات التربية والصحة والداخلية وغيرها من الإدارات تم الحصول عليها اعتمادا على شهائد علمية غير صحيحة من تونس ودول أجنبية".
المصدر: أصوات مغاربية