على أعمدة الإنارة وأسطح المباني كما على الأشجار والمآذن، اتخذت طيور اللقلاق في القنيطرة المغربية موطنا ومستقرا لها، حتى باتت جزءا من صورة هذه المدينة الواقعة على بعد 40 كيلومترا شمال العاصمة الرباط.
وإضافة إلى الأعشاش التي لا يمكن ألا ينتبه إليها سكان القنيطرة وزوارها والتي تؤثث سطوح العديد من البنايات يتوسط المدينة مجسم لطائري لقلاق فوق برج طيني بمدار طرقي تحيط به أعشاش عدد من هذه الطيور.
ويعتبر اللقلاق من الطيور المهاجرة الأمر الذي يثير تساؤلات حول العوامل التي أدت إلى استقراره في هذه المدينة المغربية منذ عقود حتى بات رمزا من رموزها.
عوامل استقراره
يقول رئيس جمعية "برج اللقلاق" بالقنيطرة، العربي الدوش، إن "طائر اللقلاق ارتبط بالقنيطرة وأصبح رمزا لها حتى باتت تسمى باسمه نظرا لوجود أعداد كبيرة منه بها".
ويرجع الدوش في حديث لـ"أصوات مغاربية" استقرار هذه الطيور المهاجرة بالقنيطرة إلى أربعة عوامل تتمثل في أربعة مواقع طبيعة توجد بالمدينة ونواحيها وهي شاطئ المهدية ووادي سبو وغابة المعمورة و"مرجة الفوارات" التي صنفت عام 2018 كموروث طبيعي ضمن لائحة المناطق الرطبة ذات الأهمية الإيكولوجية على الصعيد العالمي.
ويتابع المتحدث ذاته أن "هذه العوامل هي حلقة الوصل التي استكان إليها هذا الطائر كي يبقى مرتبطا بمصادر عيشه"، لافتا إلى أنه يقتات على الحشرات وبعض البرمائيات كالضفادع والثدييات الصغيرة كالفئران والزواحف بالإضافة إلى الأسماك.
"700 زوج"
ومن جانبه، يبرز الباحث المغربي في علم الطيور، سعيد لحروز، أن طائر اللقلق يهاجر من أوروبا نحو أفريقيا مرورا بالمغرب خلال فصل الخريف ثم يقوم بهجرة عكسية في فصل الربيع، مستدركا أن هناك أعدادا منه تستقر في المغرب من أجل التكاثر.
و"للتأكد من مدى استقراره بالقنيطرة أو مغادرتها" يوضح لحروز في حديث لـ"أصوات مغاربية" أنه " تم إطلاق عملية تحجيل صغار اللقلاق في أعشاشها (وضع أساور أو حلقات معدنية حول سيقانها) شملت حوالي 64 فردا على أن تصل إلى 300 خلال هذه السنة والسنة المقبلة"..
وعن تاريخ بدء استقرار هذه الطيور بالقنيطرة يقول إنه "من الصعب تحديد سنة معينة لأنه يوجد منذ العهد الروماني وهو طائر قديم جدا بالقنيطرة"، منبها إلى أن "أعداده في المدينة تقلصت من أزيد من 10 آلاف زوج معشش عام 1938 إلى 700 زوج في 2014 بحسب آخر الإحصائيات".
ويؤكد المتحدث ذاته أن اللقلاق يحظى بـ"أهمية تراثية بالقنيطرة أكثر مما هي بيئية حيث يتعايش معه السكان ويقدمون له الحماية والمساعدة ما يعكس الترابط التاريخي والعاطفي لهم معه"، مشيرا إلى أن "أحد الأحياء السكنية يحمل اسمه "لاسيكون" (اللقلق بالفرنسية) وأن بالمدينة مجسمات له على المدارات الطرقية ومبادرات مدنية للحفاظ عليه".
- المصدر: أصوات مغاربية